شهدت المملكة في العقود الثلاثة الاخيرة تطورا عمرانيا وسكانيا واسعا كبيرا فرضته عدة ظروف وعوامل منها النمو السكاني المطرد الذي ادى الى زيادة كبيرة وواضحة في عدد السكان السعوديين ومن هذه العوامل والظروف ايضا تلك النهضة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية التي عكست نهضة حضارية شاملة في كافة مجالات الحياة وقد ادى كل ذلك الى التوسع في المخططات العمرانية والاحياء السكنية الجديدة التي جعلت المدن تتمدد من خلال انشاء تجمعات بشرية جديدة كان من الضروري ان يواكبها توسع مماثل في مختلف الخدمات.
ومن ابرز هذه الخدمات التي فرضتها التطورات العمرانية والسكانية، خدمة محطات الوقود التي تعد من المنافع العامة الحيوية للمواطنين والمقيمين، والتي لا يمكن الاستغناء عنها، بل انها ذات خدمة وذات طبيعة خاصة من حيث الحاجة التي تتطلب توفير هذه الخدمة في جميع الاحياء السكنية والطرق السريعة والقرى والهجر.
ونتيجة لهذه الاهمية ولمتطلبات انشاء هذه المحطات تلبية لاحتياجات المواطنين والمقيمين وافقت اجهزة الدولة على الطلبات الخاصة بانشاء محطات للوقود في الاماكن والمواقع التي تحتاج هذه الخدمة توفيرا لراحة المواطنين والمقيمين ولوقتهم وجهدهم، الا انه لوحظ في الفترة الاخيرة ان بعض هذه المحطات لا يلتزم بتطبيق اشتراطات السلامة ومنها ما يتصل بطرق التخلص من الزيوت والمواد البترولية المستخدمة كما لوحظ ان بعض محطات الوقود لا تتقيد تقيدا كاملا بالاجهزة البيئية وتعليماتها وما يتوافق منها مع ظروف عمل محطات الوقود وواجباتها الامر الذي يشكل خطرا واضحا على صحة الانسان والحيوان والنبات، ويسىء الى البيئة ويشوه عناصرها، بل ويفسدها جميعا وهي عناصر يستمد الانسان منها اسباب وجوده وبقائه وحياته، والى ذلك كله لا يمكننا ان نتجاهل التأثير الذي تتركه محطات الوقود فيما لو اغفلت قواعد واشتراطات السلامة الواجب توافرها والحرص على التزامها اذ ان ذلك يؤدي لا محالة الى الحرائق والانفجارات التي شهدها بعض هذه المحطات وكان من نتائجها خسائر كبيرة في الاموال اضافة الى ارواح الابرياء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لهذا الاهمال وكانوا ضحايا لهذه الحرائق.
على خلفية هذه الظروف كان من الطبيعي ان تصدر وزارة الشؤون البلدية والقروية لائحة جديدة لمحطات الوقود وفقا لما فرضته الحاجة الداعية الى ضرورة حماية ارواح السكان (المواطنين والمقيمين) والحد من الخسائر الاقتصادية المتمثلة في الاموال العامة والخاصة التي تبددها وتضيعها الحرائق والاضرار الناجمة عن عدم الالتزام بالاشتراطات والقواعد البيئية.
وعلى الرغم من مضي فترة مناسبة من الوقت على صدور هذه اللائحة الا انه من الملاحظ ان الكثير من المحطات لا تتقيد ببنود اللائحة بل ان اي حوار يمكن ان تجريه او مناقشة تدخل فيها مع اي من المسؤولين عن بعض هذه المحطات ـ ان لم يكن معظمها ـ سوف تكشف لك عدم معرفتهم بهذه اللائحة بل جهلهم المطبق بشروط السلامة وطرق التخلص من المواد البترولية بعد استخدامها، فضلا عن جهلهم بطرق الصيانة وشروط الوقاية من الحوادث، واشتراطات وقواعد النظافة العامة فضلا عن الاحتياطات البيئية والفنية لمنع تسرب الوقود واهمها تركيب خزان لوقود تحت مستوى سطح الأرض داخل غرفة من الخرسانة المسلحة معزولة جيدا, وإلزام صاحب المحطة باستخدام وسائل إليكترونية حديثة متصلة بغرفة المراقبة بالمحطة لقياس كمية الوقود في الخزان واكتشاف أي تسرب قد يحدث للوقود ومعالجته. كما يجب مراعاة مواقع المحطات والمسافات التي تفصل بينها, وقربها او بعدها عن خطوط كهرباء الضغط العالي الهوائية. واضافة الى هذه الاشتراطات لا ينبغي ان نقلل من أهمية توحيد الشكل والطراز المعماري العام لمحطات الوقود والخدمات الملحقة بها, حيث لا يقل المظهر الحضاري أهمية عن الاشتراطات البيئية والفنية. رشيد بن راشد الرشيد