احتواء الخلاف بين الرئيس عرفات ورئيس وزرائه محمود عباس خطوة متقدمة خصوصا اذا ادركنا ان الخلاف ليس شخصيا انما هو خلاف حول إدارة المفاوضات مع إسرائيل وإدارة المفاوضات منطقة خطرة ودقيقة تتقاطع فيها مصالح الشعب الفلسطيني بحقوق الأجيال وغيرها من المفاهيم السياسية والقانونية ويمكن اعتبار احتواء الخلاف بداية لتأسيس ثقافة ومرجعية تستند الى ان يكون النظام الأساسي الحكم الفاصل في تحديد مسؤوليات الرئيس ورئيس الوزراء.. احتواء الخلاف قد لا يسر العديد ممن يستفيدون من الخلاف للمضي بأجندتهم السياسية المتطرفة الى حدود ان يدفع الشعب الفلسطيني الثمن باهظا من أجل مصالح ومواقع نفوذ بعض الأفراد والحركات التي ترى استمرار الخلاف يصب في زيادة شعبيتها ونفوذها.. لعل من المشاكل الأساسية في حركة النضال الفلسطيني طوال أكثر من نصف قرن عدم قدرة بعض الفصائل الفلسطينية على تجديد تكتيكاتها وخياراتها وارتهانها للمشاكل اليومية مع الإسرائيليين وهذا خطأ فادح أعاق كثيرا خيارات إدارة المفاوضات ويمكن اعتبار النظام الأساسي مرجعية لحسم الخلافات ولوضع كل فصائل المقاومة في حدودها الطبيعية دون عدسات مكبرة تتخذ من العزف على أوتار اليائسين هدفا في زيادة شعبيتها.
حكومة أبومازن ادركت هذا الخلل المقصود ومن قبل البعض واستطاعت ان تقف بصلابة أمام من يرتهون مستقبل الشعب الفلسطيني لزيادة شعبيتهم وكسبت ثقة الإنسان الفلسطيني العادي الذي عانى ظلم وقسوة إسرائيل وتهويمات بعض التنظيمات الفلسطينية.. انها لحظة خيارت حاسمة لا تحتاج الى تردد وأي خلاف بين صناع القرار الفلسطيني معناه ازدياد معاناة شعبهم واستمرار تكريس واقع الاحتلال واستمرار انحسار تأييد الرأي العام الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني.. لعل انتهاء الخلاف فرصة لاعادة التفكير في طريقة التعامل مع الأزمات حتى تزداد مساحة الأمل في قلوب الفلسطينيين وحتى تدرك إسرائيل انها تقف أمام قيادة موحدة يصطف وراءها شعب كامل.. لعل وعسى ان يبقى الأمل نورا يضيء المستقبل.