DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العراق.. الواقع والإعلام

العراق.. الواقع والإعلام

العراق.. الواقع والإعلام
أخبار متعلقة
 
يكاد نصف وقت نشرات الأخبار في معظم المحطات الفضائية والبرامج الحية والمسجلة الأخرى فيها، مخصصة لتغطية الشأن العراقي. ولا يكاد شارع عراقي لم تزره كاميرا فضائية، التي اخترقت كل خصوصيات وعموميات الشعب العراقي. حتى اننا نستطيع القول ان نصف الشعب العراقي ظهر على الشاشة. في المقابل أقول أنا، الذي للتو عدت من بغداد، وتشرفت على مدى 5 أيام بزيارة مدن أخرى في العراق العظيم (عبارة لم استعرها من نائب رئيس الجمهورية العراقي السابق عزت الدوري)، أستطيع ان أقول ان ما يغطيه الإعلام الفضائي عن العراق لا يمثل الا أقل من ربع الواقع العراقي، بكل ما فيه من سلبيات وإيجابيات. هل يغطي الإعلام جرائم القتل والثأر التي تحدث لأسباب اجتماعية أو لتصفية أشخاص يُعتقد أنهم مارسوا جرائم محتمين بالنظام السابق؟ هل يغطي الإعلام حالات السلب والنهب للأموال والممتلكات التي لا تزال تحدث يومياً في العراق؟ هل ينقل لنا حالات الاختطاف التي طالت فتيات ونساء من الشوارع، وبعضها أمام المارة وعلى الملأ؟ هل ينقل لنا بعض ما يمارسه تجار الحروب من مص لدماء الناس الأبرياء، ويتنافسون في سباق محموم على مص العظم العراقي حتى النخاع؟ في المقابل؛ هل ينقل لنا الإعلام أو ينقلنا إلى المارد العراقي الذي ينهض من تحت الرماد، كالعنقاء، ينفض عنه الركام وغبار السنين؟ هل يجعلنا نعيش وسط الحركة الثقافية والفنية والأدبية النشطة، التي لم تتوقف رغم حصار الخارج وقهر الداخل الصدامي، الذي تعامل معها بالمراقبة والتضييق والخنق؟ هل نرى على شاشات الفضائيات العراقيين الذين يتقاسمون جريدة أو كتاباً بحثاً عن ثقافة؟ هل ينقلنا إلى مساجد وحسينيات وكنائس ومعابد العراقيين، الذين أقبلوا على الدين بعد ان كان من يدخل دار عبادة ـ أيا كانت ـ مراقباً من قبل كل أجهزة الأمن؟ هل ينقلنا الإعلام إلى ذلك الفراتي البسيط، الذي ينهض قبل شروق الشمس، ليروي نخيله من نهر دجلة أوالفرات؟ هل نرى تلك السيدة التي عرضت عليّ في شارع من شوارع مدينة الديوانية ان اشتري منها ملابس، وحين رفضت، عارضاً عليها ان أدفع لها قيمتها، قالت ليّ: يا ولدي أنا لا أخذ الا قيمة ما أبيع!! المزارع الفراتي وسيدة الديوانية هما العراق، الذي غيبه عنا صدام، ثم مارس دور التغييب الإعلام الفضائي، قاصداً أو ساهياً، ولكنه أيضاً بعض ما رأيته بعيني في العراق العظيم.