قرأت مقال الأخ الدكتور علي العبدالقادر بعنوان (الشرقية ياوزير التعليم) في عدد جريدة (اليوم) الصادر يوم الأحد 13/5/1424هـ, الذي تضمن ان حوالي 87% من خريجي وخريجات الثانوية في المنطقة الشرقية لن يكون لهم مكان في مؤسساتنا الجامعية هذا العام, واقترح سعادته حلا آنيا هو زيادة عدد المقبولين في جامعتي الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك فيصل وان ذلك يمكن ان يتم من خلال فتح أبواب الجامعتين للدراسة صباحا ومساء.
وأرغب في هذا المقال ان أشارك ببعض الرؤى والآراء التي أراها انها مكملة لما ذكره الأخ الدكتور علي وهي كما يلي:
1ـ لا شك في أن هناك خللا في مؤسساتنا التعليمية فهناك أعداد كبيرة من الجنسين لا تستطيع ان تلتحق بأي مؤسسة تعليمية سواء كانت حكومية ام خاصة, وهناك أعداد كبيرة تدرس في مجالات غير منتجة, وهناك طلبة يدفعون مبالغ للدارسة في الجامعات الحكومية من خلال كليات خدمة المجتمع وهناك آخرون يحصلون على مكافآت مع ان الامكانات المتوافرة لكلا الصنفين متشابهة, وهناك آخرون يسافرون لخارج المملكة للحصول على تعليم بسبب عدم قبولهم في المملكة وليس بسبب تميز الجامعات التي يلتحقون بها في الخارج.
2ـ الحلول الآنية مبررة عندما تكون نتيجة ظروف غير طبيعية وغير متوقعة, ولكن بالنسبة للاعداد التي ذكرها الدكتور علي في مقاله فهي معروفة ومتوقعة, فعدد السكان وتركيبتهم العمرية معروفة منذ 10 سنوات تقريبا عندما تم اجراء تعداد للسكان ونسبة النمو السكاني هي الأخرى معلومة, وعدد خريجي المراحل الجامعية موثقة. ان ما يحصد اليوم هو نتيجة ما زرع بالأمس, ومع ان جهود الوزارات ذات العلاقة والمؤسسات التعليمية واضحة إلا انها لا شك تسير بمعدل أقل من معدل النمو السكاني.
3ـ قبول اعداد أكبر من الطلاب في الجامعات لا يجب ان يتم بمعزل عن توفير خدمة تعليمية تمكن من تخريج نوعيات جيدة وفي تخصصات مطلوبة. مقترح الدكتور علي يمكن قبوله على المدى القصير وبعد تذليل بعض الصعوبات وان يكمله تبني مقترحات اضافية. لابد ان تكون الزيادة محدودة وان تتم بعد توفير الامكانات خاصة فيما يتعلق بعدد ونوع اعضاء هيئة التدريس الذين يجب توافرهم لاستيعاب الزيادة. كما اقترح ان يتم تبني التحالف الاستراتيجي من بعض الجامعات الجيدة في خارج المملكة والتعاون معهم لاستيعاب مجموعة من خريجي الثانوية. واعتقد ان تجربة ماليزيا جيدة في هذا الجانب. كما انه لا بد من سرعة الاستثمار في التنفيذ لتسهيل التعليم والتمكين من تدريس اعداد أكبر.
4ـ تتضمن الاتجاهات الإدارية الحديثة استخدام التقنية ممثلة في الانترنت والمنظمات الافتراضية, تصغير حجم المنظمات, الخصخصة, تحرير الأسواق وجعلها تعمل بآليات السوق, التحالفات الاستراتيجية وغيرها. يجب ان يتم تبني مثل هذه الاتجاهات من قبل الوزارات ومؤسسات التعليم من خلال خطط واضحة وبرامج زمنية دقيقة.
5ـ العولمة ومحدودية الموارد تحتم التخصص في كل شيء ومنها التعليم. يجب ان تتخصص جامعاتنا وان توجه كل جامعة حوالي 80% من مواردها الى حوالي 20% من برامجها. وان يعتمد تحديد التخصصات بناء على الصناعات التي نرغب ان تتميز بها كل منطقة توجد بها جامعة. التوجه الحديث هو ان يوجد في كل مدينة او منطقة صناعة او صناعتان أساسيتان (منتجون وموزعون وموردون) تدعمها جامعات ومراكز بحث وبنية تحتية متقدمة. توافق التخصصات مع الصناعات المرغوب المنافسة فيها يعني توجيه مواردنا البشرية للقطاعات التي يمكن ان نحقق منها أعلى انتاجية وبالتالي تحقق تلك الموارد أعلى عائد لها. كما ان التخصص يعني الفعالية والكفاءة يتوقع ان تتمكن كل جامعة من توفير أفضل الموارد المادية كالمعامل والمختبرات والأجهزة والدوريات العلمية وأفضل الموارد البشرية من أعضاء هيئة تدريس وغيرهم.
كما ان التخصص يفترض ان يمكن الجامعات كل في مجاله من البدء ببرامج الدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) والتي بدورها تعني توفير كوادر بشرية كفؤة تعتبر حاليا من أهم العوامل التي تعيق الجامعات من قبول اعداد أكبر في بعض التخصصات. كما انها تعنى توفير أبحاث هامة يمكن الاستفادة منها لتنمية البلد ومؤسساته.
6ـ أود ان أختم بما ذكرته في مقال سابق وهو انه يجب التعامل مع اعداد خريجي المرحلة الثانوية الكبيرة على انها ليست مشكلة بل فرصة ثمينة يجب استغلالها والاستفادة منها الدول المتقدمة صناعيا تحسدنا عليها بسبب تدني معدلات السكان لديهم. يجب النظر الى كل خريج وخريجة على انه ثروة يجب المحافظة عليها وغرس لابد من رعايته والاهتمام به, ولابد من توفير التعليم والتدريب للجميع من القطاع العام او الخاص.