يتصور البعض- من باب الخطأ ربما عن عمد وربما عن سوء فهم- أن القواعد البيئية الصارمة التي تضعها الدول المتقدمة فيما يتعلق بوارداتها من السلع- تشكل قيوداً فعليه على حرية انسياب السلع التي تنتجها دول العالم الثالث أو الدول النامية، وحرية انتقالها إلى الأسواق الخارجية والعالمية، خصوصاً اسواق هذه الدول التي تضع هذه الاشتراطات والقواعد البيئية التي نسميها نحن- أو يسميها بعضنا- " قيوداً" وإجراءات حمائية أو موانع. ويتصور البعض- عن خطأ أيضاً ربما متعمدا وربما عن سوء فهم- أن هذه القواعد تشكل نوعاَ من الإضرار بالدول النامية أو دول العالم الثالث، وأنها ستؤثر على نحو سلبي بتجارتها الخارجية. وفي حقيقة الأمر، أن ذلك يمثل نوعاً فريداً من التحديات الجديدة التي تواجه دول العالم الثالث والدول النامية التي يجب أن تأخذ هذه التحديات بشكل جاد وعملي، بل عليها أن توظف هذه الاشتراطات والقواعد لمصلحتها. ربما يكون صحيحاً أن الهدف من هذه القواعد والشروط، وراءه نوع من " التعجيز" ووضع العراقيل والصعوبات، ولكنه ليس صحيحاً أن هذه القواعد والشروط ستؤثر سلباً على التجارة الخارجية لدول العالم الثالث. بل العكس هو الصحيح، ربما في المنظور أو المدى القريب يكون هناك قدر من التأثر السلبي، إلا أنه لن يستمر في المدى الطويل، ذلك أن الموقف الذي تعيشه هذه الدولة يجب أن يستفزها بحيث تستنفر قواها وجهودها لمواجهة كافة التحديات، والعمل على تجنب الآثار السلبية التي تهدد انسياب منتجاتها وتدفق سلعها إلى الأسواق العالمية، ولابد أن ذلك سوف يدفعها إلى اتخاذ العديد من الإجراءات التي تمكنها من حماية سلعها ومنتجاتها، وتوفير الإمكانات التنافسية لها حتى تستطيع أن تجد لها مكاناً في الأسواق الخارجية. ان دول العالم الثالث أو الدول النامية تمتلك العديد من المميزات والإمكانات التي تعطيها فرصاً حقيقية لغزو الأسواق العالمية والمنافسة داخل هذه الأسواق، ولكن معظم هذه الدول لا يعمل على الاستفادة من هذه الامكانات والمميزات. فما هي أهم هذه الإمكانات؟ وما هي أهم الإجراءات المطلوبة التي يمكن أن تساعد هذه الدول على مواجهة التحديات القادمة مع تطبيق اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية في ظل و"العولمة" التي تزحف على الدول كافة بقوة، بعد أن تلاشى معظم الحدود والسدود والحواجز؟ هذا ما أرجو أن أجيب عنه في العدد القادم ان شاء الله تعالى.
وليد بن تركي القحطاني
الخبر