استغلال الثقة الشعبية وخداع الرأي العام وافتعال خطورة النظام العراقي وتهديده مصالح أمريكا وبريطانيا تتفاقم هذه الأيام في لندن وواشنطن على أعمدة الرأي وفي افتتاحيات كبريات الصحف والتقارير الاخبارية لمحطات التلفزة في أعقاب ريبورتاج التحري للبي بي سي الذي كشف فيه عن تزوير ومبالغات في المعلومات عن العراق من قبل حكومة بلير.. فالنيويورك تايمز تهكمت على السيد بلير بتوقعها ان يصبح مستشارا خاصا للرئيس بوش عما قريب, في تصويرها لوضع بلير الذي لا يحسد عيه والذي تواكب مع انتحار خبير وزارة الدفاع البريطانية ديفيد كيلي الذي تحدث للبي بي سي في برنامجها اليوم عن مبالغات الحكومة في معلوماتها الاستخبارية عن العراق, واعتراف الصحافية الإيطالية إليزابيتا بوربا بانها هي من سلم الأمريكيين التقرير المزور عن شراء العراق يورانيوم من النيجر.. المثير في هذا التصعيد داخل مجلس العموم والكونغرس وفي غرف صناعة الأخبار في لندن وواشنطن انها تتزامن مع تطورات الأوضاع المقلقة لقوات الاحتلال في العراق وسعي واشنطن للتملص من ورطة المغامرة العسكرية باحلال الأمم المتحدة سلطة مطلقة في العراق.. والأكثر إثارة هو الدور الإعلامي الذي يزعم انه يمارس مسؤوليته الاجتماعية في محاسبة الحكومات على تضليلها الرأي العام الذي يتنافى مع اخلاقيات إدارة الحكم وممارساته في الديموقراطيات الغربية.. فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو اين كانت مسؤولية هذا الإعلام نحو دافعي الضرائب في أمريكا وبريطانيا عندما تبنى بلير وبوش منهجية الحافة ونقل المعارك لباحات الأنظمة المارقة او تلك التي تحمي منظمات معادية لأمريكا؟!
لربما كان التبرير لهذا الإعلام فيما لو كان في دول العالم الثالث مقبولا ولكن في مجتمعات المؤسسات والدساتير يصعب ذلك!!
الأكيد ان لعبة السياسة على ما يبدو هي المسؤول عن كل ما يحدث من جلبة وضجيج لايجاد واقع جديد ليس إلا وبحسابات في غير صالح الرجلين.