المواءمة بين القول والفعل التزام المملكة العربية السعودية بثوابتها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز ـ طيب الله ثراه ـ لا تحتاج الى دليل الا اذا احتاج النهار الى دليل.. ولا تفتقر لشهادة حسن سيرة وسلوك من اي احد. فتاريخها المشرق يحمل عبر مراحله المختلفة آيات بينات.. وشواهد حق.. وحججا دامغة لا ينكرها الا جاحد.. او كاذب.. او منافق.
عاشت المملكة.. وتعيش بثوابتها.. ومبادئها وقيمها رغم كل الضغوط.. والمستجدات فما ضعفت.. ولا وهنت.. ولا استكانت ما يؤدى بين وقت وآخر الى تفجير غضب اسرائيل وعملائها للإساءة الى المملكة قيادة وشعبا عبر حملات إعلامية.
وفرقعات صحفية محمومة للتضليل على مجريات الواقع.. وحقيقة الاوضاع.. والتعتيم على جرائم ومجازر اسرائيل في الارض الفلسطينية المحتلة التي اخذت تستقطب تعاطفا دوليا كاسحا وعلى كل المستويات.. حيث أخذ هؤلاء العملاء يتخبطون في كل اتجاه لاشغال الرأي العام الامريكي بطروحات متهافتة ودراسات مفتعلة!!
ان اسرائيل تشكل عبئا ثقيلا على الولايات المتحدة الامريكية ليس اثقل منه الا جيوش المرتزقة.. والمأجورين.. مفكرين.. وسياسيين. و(محللين) وادعياء علم.. منهم وخبرة وتقدير موقف الذين تسخرهم اسرائيل واللوبي الصهيوني واليمين المسيحي المتصهين لخدمة اهدافها على حساب الحق العربي.. والمصالح الامريكية في اعتقاد كاذب خاطئ ان استمرار الهجوم الاعلامي.. وتوزيع الادعاءات الكاذبة بسخاء عن المملكة العربية السعودية كفيل بنجاح اهدافهم الحقيرة.. ودق اسفين الخلاف بين دولتين صديقتين تمتد علاقتهما المتكافئة.. والندية ـ المبنية على المصالح المتبادلة ـ الى اكثر من ستين عاما. ومن ملامح هذه الاعباء الثقيلة ما تمارسه من الوان الارهاب الفكري.. والابتزاز السياسي معاهد.. ومراكز بحوث ودراسات.. وكتاب.. وصحف منها طروحات سخيفة.. واخبار ملفقة مثلما حدث اخيرا من صحيفة (واشنطن بوست) التي نشرت بدم بارد خبرا عن مذكرة للجنة استشارية عليا في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) اعتبرت المملكة العربية السعودية (دولة معادية للولايات المتحدة تدعم الارهاب)!!
يأتي ذلك في اتساق.. واتفاق مع الحملات الاعلامية المسعورة التي تستهدف المملكة العربية السعودية منذ قارعة 11 سبتمبر / ايلول عبر وسائل الاعلام الامريكية.. والصحافة على وجه الخصوص.. دون وجه حق.. او سند قانوني!!
صحيفة (نيويورك تايمز) ذكرت ان المذكرة جرى تقديمها في شهر يوليو الماضي الى مجلس السياسات الدفاعية الذي يضم مثقفين.. ومسؤولين سابقين من بينهم دان كويل، نائب الرئيس الامريكي الاسبق.. هنري كيسنجر، مستشار الامن القومي الاسبق.. ووزيرا الدفاع الاسبقان (جميس شليسنغر) و(هارولد براون) ويرأس المجلس شخص اسرائيلي حتى العظم يدعى ريتشارد بيرل.. وهو صاحب ماض مشبوه كاد يصل الى حد الخيانة العظمى نتيجة قيامه مع سبق الاصرار.. والترصد باعداد مجموعة من الوثائق السرية الامريكية لتسليمها للسفارة الاسرائيلية في واشنطن ابان عمله في مكتب هنري جاكسون عضو الكونجرس فصل على اثره من وظيفته بعد حفظ مكتب التحقيقات الفيدرالي القضية بسبب (عدم توافر ادلة كافية لادانته بتهمة التجسس لحساب اسرائيل)!!
اما الباحث (الهمام) الذي اعد الدراسة فيدعى (لورين موراويك) جاسوس اسرائيلي يعمل في مؤسسة (راند للدراسات الاستراتيجية).. وهو يهودي من اصل بولندي حصل على الجنسية الامريكية نتيجة لاقترانه بامرأة يهودية من مقاطعة بروكلين في نيويورك.. دسته منظمة (بناى بريث) اليهودية الامريكية.. على مؤسسة راند.. لينقل لها كل ما يدور في اروقتها وهو بدوره فوجئ بنشر تقرير (واشنطن بوست) عن تحليله المشبوه.. وعلق قائلا (شيء لا يصدق)!!.
وهكذا يتضح ان (الطبخة) صهيونية الاصل.. والمنشأ.. والولادة مغلفة بـ "سولوفان" يميني.. اصولي.. امريكي متصهين!!
تعددت وتنوعت ردود الفعل بين مسلم بالتفسير الامريكي للمسؤولين السعوديين باعتباره يتفق مع المصالح الامريكية.. وينسجم مع طبيعة الظروف الراهنة مهما بلغ تطرف صقور البيت الابيض.. والتزامهم بالسياسة الاسرائيلية.. وبين من اعتبره بالونا لاختبار ردود الفعل على كافة المستويات سعودية ومحلية.. وعالمية.. وفريق ثالث يرى فيه وسيلة ضغط قد ينتج عنها مرونة لدى المملكة العربية السعودية في موقفها الثابت ضد الحرب التي تستعد امريكا لشنها على العراق رغم المعرفة بالسياسة السعودية التي لم يذكر عنها عبر تاريخها الطويل تراجع عن قناعاتها وثوابتها وهناك فريق رابع يرى ان الامر مجرد (فشه خلق) من حيل اليهود وألاعيبهم ضد المبادرة السعودية التي اصبحت عربية بالاجماع.. ونجاح الزيارة الرسمية لولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز للولايات المتحدة الامريكية التي صححت الكثير من المفاهيم.. وحققت نجاحات انعكست ايجابيا على عدة مواقف لسيد البيت الابيض!!
لقد احسنت الادارة الامريكية صنعا بتداركها الفوري والسريع مضاعفات هذا الخبر الاهوج عبر اتصالاتها بالمسؤولين السعوديين بدءا من تشيني، نائب الرئيس، مرورا بوزير الخارجية.. وانتهاء بوزير الدفاع الذين وضحوا الموقف لسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وسمو السفير السعودي في واشنطن الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز.. ونفيهم القاطع ان ما حدث يمثل رأي الادارة الامريكية.. واقول احسنت الادارة الامريكية صنعا لهذا التصرف السريع ـ كواحد من الاستثناءات القليلة التي حققت لها نجاحا ـ لانها تدرك تبعات ما حدث وردود فعله سعوديا.. واسلاميا.. وعربيا.. وعالميا انطلاقا من حقيقة انها الخاسر الاكبر في اي خلاف او صدام مع المملكة العربية السعودية.. قبلة المسلمين.. وموئل العروبة.. وداعية السلام ويبقى ان تثبت الادارة الامريكية مواءمة بين ما تقول.. وما تفعل.