@ انا شاب ـ والحمد لله ـ محافظ على الصلاة باستمرار، ولكن هناك زملاء وأقارب وجيران لا يصلون في المسجد أبداً مع جماعة المسلمين، وأنا أجالسهم وأزاورهم مع أنني أكره فعلهم ذلك، ولكني أحببت نصيحتكم لي في هذا الشأن وحكم زيارتهم مع أنني نصحتهم مراراً ولم ينتصحوا بذلك ؟
ـ أما كونك محافظاً على الصلاة فالحمد لله على ذلك ونسأله سبحانه أن يثبتنا وإياك على دينه، وأن يجعلنا وإياك من المحافظين على صلواتهم .
وأما ما ذكرت من أن لك أقارب لا يحافظون على الصلوات، وأنك تجالسهم وتخالطهم فهذا الأمر يحتاج إلى تفصيل:
أولاً: إذا كانت مخالطتك لهم مع بذل للنصيحة وإنكار للمنكر ورجاء أن يتوبوا وأن تؤثر عليهم، فإن الواجب عليك أن تخالطهم، وأن تزورهم وأن تناصحهم وأن تدعوهم إلى الله عز وجل حتى ولو لم يكونوا أقارب. فالأمر آكد. أما إذا كان نصحك لا يجدي فيهم ولا يتأثرون ففارقهم خصوصاً إذا كانت مفارقتك لهم واعتزالك لهم فيه مصلحة بأن يدركوا خطأهم ويتأثروا من هجرك لهم، فإنه يجب عليك أن تهجرهم وألا تزورهم ، وإن كانت مفارقتك لهم تزيدهم شراً وفي مخالطتك لهم تخفيف من شرهم، فخالطهم وناصحهم وعلى كل حال لا تيأس من مناصحتهم وبذل الدعوة لهم لعل الله سبحانه أن يهديهم .
@ أنا شاب عمري اثنتا عشرة سنة، أصوم وأصلي وأقرأ القرآن الكريم، والحمد لله، ولي أخ أكبر مني بخمس سنوات ولكنه للأسف لا يصلي ولا يصوم ولا يقرأ القرآن الكريم، ومع ذلك فهو مداوم على لعب القمار، وصار له على هذه الحالة عمر طويل، وحينما أنصحه وأبين له أنه على خطأ، وأن فعله هذا حرام ولا يجوز، يقول لي: أنت على حق وليتني أكون مثلك، ولكنني لا أقدر على ترك لعب القمار. فماذا أفعل له هل أطرده من البيت علماً أن ذلك قد يجلب المشكلات ؟ وبم تنصحونه جزاكم الله خيراً ؟
ـ ما ذكرت من أن أخاك يلعب القمار وما هو أشد منه وهو أنه لا يصلي ولا يصوم، فترك الصلاة وترك الصيام أشد من لعب القمار، وإن كان لعب القمار كبيرة من كبائر الذنوب، ومحرم شديد التحريم ولكن ترك الصلاة أشد من هذا، لأن ترك الصلاة إن كان ممن يجحد بوجوبها فهو كفر بإجماع المسلمين، وإن كان ترك الصلاة ممن يعترف بوجوبها، ولكنه تركها تكاسلاً وتهاوناً فهو كافر على الصحيح من قولي العلماء. وكذلك تركه لصيام رمضان قد ترك ركناً من أركان الإسلام وهذا أشد من لعب القمار .
فالحاصل أن ما ذكرت من حال أخيك أمر فظيع ولا يجوز إقرارك له في البيت إذا كان لك سلطة على البيت إذا لم تجد فيه النصيحة ولم يرتدع عما هو عليه ويؤدي الصلاة والصيام كما أوجب الله، وتجنب ما حرم الله، فإذا كان لك سلطة في البيت فإنه يتعين عليك أن تتخذ معه الأجراء الذي تسلم به من شره وإثمه، وما ذكرت من أن هذا يحدث مشكلات، فالمشكلات موجودة ببقائه في البيت وهو لا يصوم ولا يصلي ويلعب القمار، هذه مشكلات أعظم من المشكلة التي تحصل بطرده من البيت .
فالحاصل أنه إذا كان بإمكانك معالجته بالموعظة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا له تأثير عليه في إصلاحه وتوبته فلا تبخل عليه بذلك ولا تيأس من هدايته، واما إذا كان ذلك لا يجدي، فحينئذ فراقه هو المتعين .
@ هناك مجتمعات قائمة على الاختلاط .. فهل على المسلم أن ينأى بنفسه عن هذا المجتمع في حين أنه لا يملك التغيير.. كذلك هل يتعامل مع كل وسائل اللهو أم يمنع نفسه .. أم ماذا يفعل ؟
ـ لا شك أن غالب المجتمعات البشرية في العالم الآن تموج بأنواع من الفتن التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وموقف المسلم من هذه الفتن وتلك المستجدات يجب أن يكون موقف المسلم الصحيح .. فإذا كان يترتب على اختلاطه بهذه المجتمعات أن يتمكن من أن يغير شيئاً منها وأن يدعوهم إلى الله ويرشدهم إلى الصواب، فهذا امر مطلوب وهو من مقاصد الدعوة .
أما إذا كان ليس باستطاعته التأثير عليهم بل في اختلاطه هذا خطر عليه وعلى ذويه .. فعليه أن يهاجر بأن ينتقل إلى بلاد أخرى يمكن فيها ذلك. فالله عز وجل وسع المجالات وعدد الفرص، (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب) فعلى الإنسان الا يبدي العجز .. فالله قد تكفل بالأرزاق وجعل مع العسر يسرا ومع الكرب فرجا، ولهذا فالإنسان عليه أن يحسن الظن بالله ويتوكل عليه ويخشاه .. فالله قد وعد باليسر للمسلم وهو لا يخلف وعده .
والسفر إلى بلاد الكفار فيه مخاطر على دين الإنسان، فإذا كان ليس مضطراً إليه فلا يسافر، وإن كانت هناك ضرورة له فعليه أن يتقي الله حسب استطاعته (فاتقو الله ما استطعتم) فالإنسان الذي يلقي نفسه في الخطر ولا يأخذ بالأسباب الواقية، فهذا هو الذي يضيع نفسه، أما الذي يواجه الخطر بالأسباب الواقية بتقوى الله والتزام طاعته، والابتعاد عن الشر مهما امكن فهذا حري أن يوفق ويحفظ .