بدأت أول امس في مشاكوس شرق كينيا الجولة الثانية من المباحثات بين الحكومة السودانية وحركة التمرد الجنوبية لمحاولة وضع حد لحرب حصدت حتى الآن نحو مليون ونصف المليون قتيل في حوالي عشرين عاما،. وتهدف هذه المفاوضات الجديدة الى استكمال بروتوكول اتفاق السلام الذي وقعته حكومة الخرطوم مع الجيش الشعبي لتحرير السودان في 20 يوليو الماضي في المدينة نفسها، ولا سيما باتفاق على وقف إطلاق النار.
وينص هذا الاتفاق على منح جنوب السودان حكما ذاتيا لمدة ست سنوات يعقبها استفتاء على تقرير المصير تحت إشراف دولي.
وبدأت مراسم افتتاح هذه المفاوضات التي استبعدت منها الصحافة ووسائل الإعلام، تحت رعاية السلطة الحكومية للتنمية التي تقوم بدور الوسيط في عملية السلام.
وتجرى المباحثات، المقرر أن تستمر خمسة أسابيع على الأقل، في جلسات مغلقة.
ويأتي استئناف المفاوضات في مشاكوس بعد مواجهات عنيفة بين الجانبين اللذين يتبادلان التهم بشن عمليات عسكرية واسعة.
ولا ينص بروتوكول 20 يوليو على وقف إطلاق النار. وبالتالي فان ذلك سيكون المسالة الأساسية في صلب المباحثات الجديدة. ويتوقع أن تبحث الجولة الجديدة مسائل اقتسام السلطة والثروات في جنوب السودان خلال الفترة الانتقالية. وأكد المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان، سامسون كواجي، قبيل بدء المباحثات، انه سيتم كذلك بحث دور حركته في تسيير شؤون الامن الوطني. وقال "سنبحث كذلك مسالة حقوق الإنسان والعدالة والإطار القانوني" للسلطة الانتقالية. واتهم الحكومة السودانية "بمهاجمة والاستيلاء على سبع مدن" كان الجيش الشعبي يسيطر عليها، منذ 20 يوليو. لكنه أضاف "سنستعيدها، حتى خلال المباحثات".
وقال "خلال هذه المباحثات، نتوقع ان تحدث عمليات عسكرية لان الحكومة تواصل القتال". من جهته قال المتحدث باسم الحكومة السودانية إن الجولة الحالية من المفاوضات بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان في مدينة ماشاكوس الكينية قد تكون حاسمة ونهائية. وأضاف أن لجنة عسكرية مشتركة ستتولى دراسة السبل الكفيلة بوقف الأعمال العدائية بين الطرفين بالإضافة إلى احتواء آثار الحرب على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي. وقد أفادت الأنباء في نيروبي أن أجواء المحادثات سادها التفاؤل وأكد الطرفان حضورهما للجولة بتفويض كامل وحرصهما على تحقيق سلام عادل وشامل. وبدأت جولة المحادثات في تتناول الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار إضافة إلى عدة قضايا أخرى مثل مشاركة الحركة في الحكم وتوزيع الموارد وإعمار ما دمرته الحرب وعودة اللاجئين ووضع جيشي الجانبين جنوبي السودان. وينتظر أن ترسم المحادثات -التي قد تستغرق خمسة أسابيع وترعاها الهيئة الحكومية للتنمية شرقي أفريقيا (إيغاد) برعاية أميركية- الملامح النهائية للتسوية جنوبي السودان. وكانت الجولة الأولى قد حسمت قضيتي منح الجنوب حق تقرير المصير بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات وعدم تطبيق الشريعة الإسلامية عليه.
موفدان أميركي وبريطاني
وفي سياق متصل أفادت وزارة الخارجية المصرية أن وزير الخارجية المصري أحمد ماهر سيلتقي غدا الخميس بالموفد الأميركي الخاص إلى السودان جون دانفورث لإجراء محادثات بشأن اتفاق ماشاكوس. وأشار مصدر مسؤول إلى أن المحادثات تأتي في إطار الجهود التي تبذلها مصر لتحقيق الاستقرار والمصالحة في السودان. وكانت مصر قد رفضت في وقت سابق عرضا أميركيا بالمشاركة في الجولة الحالية من مفاوضات ماشاكوس. كما وصل المبعوث البريطاني الخاص إلى السودان آلن غولتي أمس الأول إلى الخرطوم في مهمة تستغرق يومين تتمحور حول مباحثات السلام. وصرح غولتي للصحفيين أنه ناقش مع وزير العدل علي محمد عثمان ياسين ووزير التعاون الدولي كريم الدين صالح "سبل تطبيق اتفاق السلام الذي سيوقع قريبا".
وأعرب غولتي عن تفاؤله بنتائج المباحثات الجارية في ماشاكوس وقال إنه عندما يبرم اتفاق السلام ستكون بريطانيا على استعداد للمشاركة في إعادة التأهيل والتنمية في السودان. ومن المقرر أن يلتقي المبعوث البريطاني مع مسؤولين آخرين في الحكومة وأيضا في المعارضة.