ما وقع يبن حدين سمي وسطا، والحد لغة الطرف واي ميلان عن الوسط لاحد هذين الحدين هو نوع من التطرف بحسب درجته وحجم ميله سلبا وايجابا. والوسطية هي الصراط المستقيم الموصل لرضا الله وجنته، فمن ثبت على الصراط المستقيم في الدنيا ثبت على الصراط في الاخرة، ومن زل عن هذا تخطفته المعاصي، ومن زل عن ذاك تخطفته الكلاليب، فالجزاء من جنس العمل والوسطية ليست نظرية مجردة بل هي نظرية تطبيقية منهجية يدل على ذلك قول وفعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو القدوة (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر). فالزيادة والنقصان بدعة مردودة فلا إفراط ولا تفريط ولا اجتهاد في مقابلة النص (من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد) وتعرف الوسطية من قول الله واقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وتدرك بالعقل والحس، وقد قيل: افضل الامور اوسطها فالفضيلة وسطية بين رذيلتين، فالشجاعة تتوسط التهور والجبن، والكرم يتوسط التبذير والبخل، كما يتوسط الصدق المبالغة والكذب، وبالمناسبة لعلنا نجعل مقالنا وسط بين تطويل ممل وتقليل مخل، وفي المثال يتضح المقال، واليك بعضها:
فالوسطية في الايمان تقع بين غلو الخوارج وتفريط المرجئة، فلا غلو منتهية درجاته بالتكفير، ولا تفريط منتهية دركاته بترك الواجبات، ووسطية في العبادة بين رجاء وخوف فلا رجاء ينسينا الوعيد ولا خوف ينسينا الرحمة. وسطية بين متطلبات الروح والجسد، فافطار وصوم وقيام ونوم، ووسطية في النقد بين ثناء لا يقبل معه القدح وبين ذم لا يقبل معه المدح، . والعدل وسطية في الحكم فكما تؤخذ الحقوق تؤدى الواجبات، ووسطية في الانفاق بين بسط مؤداه الاسراف وبين قبض مؤداه منع الحقوق، وهكذا لو سردنا الوسطية لطال المقام.
فالوسطية منهجية في الدين والحياة وعدم تطبيقها ينتج عنه اخلال في الانسجام والتوافق الذي مؤداه الفوضى وعدم التعايش، ومثاله في عدم التوافق الوسطي بين الدخل والانفاق ينتج عنه الطبقية والرأسمالية وتعم الحاجة والفقر مما تكون له تبعات مثل الامية والتخلف والجهل والجريمة والمرض.
مسدر الخالدي