اول كلمة انزلت من الله سبحانه الى رسوله ليبلغها لنا. اربعة احرف اذا قرأتها من اليمين قالت لك (اقرأ) وان قرأتها من اليسار قالت لك (ارقأ)؟ فمن اراد ان يرقأ فليقرأ.
ولا رقي الا بالتعليم ولا تعليم الا ما وافق الشرع.
والقراءة عندنا ليست كالقراءة عند باقي الامم. القراءة عندنا تنطلق باسم الرب: (اقرأ باسم ربك) ولم يقل باسم الله مع العلم ان الالوهية تستلزم الربوبية والربوبية تستلزم الالوهية, لكن قال باسم ربك لما في الربوبية من معاني الرعاية والعناية والتوجيه والتربية التي هي اصل التعليم, ومعنى هذا ان تكون قراءتك لوجه الله مهما كان العلم, لانه لا يوجد علم الا وهو يدل على الله.
والمعلم المسلم دائما يربط الكون بمكونه والخلق بخالقه لان الله قال: (باسم ربك الذي خلق) وبهذه الصفة - الخالقية - اعجز الله كل المخلوقات لانه لا يوجد الا خالق ومخلوق ولا ثالث لهما.
ويضرب الله مثلا باعجز شيء خلقه وهو الانسان لانه محور القراءة والتعليم, فالمدرس لا يتعامل مع حديد او خشب انما يتعامل مع روح وجسد, واذا افتخروا بانهم جعلوا من الحديد سيارة او طيارة فللمدرس ان يفتخر بانه جعل من هذا الانسان الذي ولد لا يعرف شيئا جعل منه انسانا مفكرا مبدعا مخترعا هو الذي اخترع السيارة والطيارة.
ثم يأمر الله مرة اخرى بالقراءة ويقرنها بالربوبية ويزيد عليها صفة الكرم وبصيغة المبالغة: (اقرأ وربك الأكرم) الاكرم يوم ان ارسل لنا محمدا صلى الله عليه وسلم هاديا ومعلما, والاكرم يوم ان علمنا القراءة والكتابة: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك). والاكرم يوم ان جعل لنا في كل حرف من كتابه عشر حسنات, والاكرم يوم ان جعل طريقنا في العلم طريقا الى الجنة, والاكرم يوم ان جعل الكون من حولنا يشجعنا على العلم حتى الملائكة والحيتان في بحرها والنملة في جحرها.
ثم قال: (الذي علم بالقلم) لانه لا قراءة الا بعد كتابة وهذا ما لا تستغني عنه امة من الامم فلذا قال: (علم الإنسان) ولم يقل علم المسلم.
ولم يأمر الله نبيه ان يستزيده من شيء الا من العلم (وقل رب زدني علما).
رئيس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالخفجي
فرج بن مانع العجمي