د. أمل الطعيمي

ثورة على الثورة 1-2

على المستوى الفردي قد ينجح فاقد الشيء أن يعطيه أحياناً، ولكن كيف لنا أن ننتظر من فاقد الشيء أن يعطيه وبخاصة على مستوى الدول؟ كيف صدق الذين والوا إيران أنها دولة تعمل بنظام يمنح للناس الحرية والعدالة؟ أو أنه يعمل من أجل بناء الإنسان وصناعة الحياة في جو سخرت فيه الطاقات من أجل الخصوبة والنماء والعطاء؟ كيف لهم أن يصدقوها وهي تدعي ما لا تفعل؟ فهي كلما وضعت قدمها في أرض ما عملت على إشعال الفتن والحرائق والخراب والدمار! كيف يصدقون ما تدعيه من مثالية في دستورها الذي يحمل مادة تشير بالنص إلى (حماية المستضعفين في العالم) ولكنها لم تخبرنا كيف ستحميهم؟ ترى هل ستقوم بدور هيئة الأمم المتحدة؟ أم أن لها أسلوبها الخاص في حمايتهم حين تحاول أن تجعل لهم دولة في دولة بجيش مستقل! ثم تعمل على حمايتهم بإرسال هداياها الخاصة وأي هدايا تلك التي لا تجد فيها بذرة خردل من خير؟ فالهدايا لعون المستضعفين هي السلاح والقنابل وحقن تحقن الشر في العقول والقلوب!! وكيف ولماذا تختار مستضعفا دون آخر؟! هي ذاتها الخديعة القديمة التي قامت عليها معظم الثورات التي لم يجن أحد من الناس شيئاً من الخير منذ القدم خديعة نشر الخير والعدالة واستعادة الحقوق قديماً كانت تقوم من أجل المستعبدين بالرق أو الأقلية المختلفة في الدين أو المذهب ومن هنا اشتعل فتيل الطائفية البغيضة الذي يحرص على تغذيته بعضنا من هنا وهناك عبر التاريخ. هذا ما تفعله إيران منذ عقود وبالتدريج وبصبر لا ينفد مع تباطؤ الخطى وطول الطريق ووعورته ذاك الطريق الذي تحلم أن يوصلها يوماً إلى مبتغاها.لقد دست إيران أنفها في كل قطر عربي فوجدت رواجاً في بعضها واستعصى عليها غيره إلا من قلة قليلة مخذولة مازالت غير واعية للكذبة الإيرانية الكبرى التي يفترض بكل حر عاقل أن يفطن لها وهي التي يستطيع الوصول إليها ببساطة عندما يتساءل عن الحق والعدل الذي تدعي أنها تسانده عند الآخرين أين هو في أراضيها وبين ناسها؟ أين الازدهار والتحضر الاقتصادي والاجتماعي وأين بناء الإنسان وصناعة الحياة في إيران؟ وهل ما يعانيه اليوم الإنسان في إيران هو ما وعد به حين قامت الثورة؟ألم يتوقع الجميع أن تكون إيران أجمل وأبهى وأكثر عدلاً وتقدماً مما كانت عليه قبل الثورة؟! وليتها اكتفت بفسادها في عقر دارها بل صارت تصدره لكل مكان على هيئة أفكار جامحة وأسلحة قاتلة وغسيل للعقول بماء قداسة البشر وكرامات ومعجزات تضحكنا حتى نبكي على حال العقول.لقد صار الداخل الإيراني أكثر سواداً وإيلاماً ضد الإنسانية فعمليات الإعدام تتزايد ضد كل من يحاول أن ينطق بالحق أو يطالب به صحفياً كان أو ناشطاً في المطالبة بالحقوق الاجتماعية ليظل كل شيء هناك يبقي الناس في أدنى درجة من درجات الحياة فكل الطاقات مسخرة لتخريب الخارج حيث يتراءى لهم الهدف الأول وهو امتداد النفوذ الإيراني وإقامة الامبراطورية الفارسية الجديدة (لا أقامها الله) إن ما أقر به حسن نصر الله منذ سنوات وتراجع عنه شكلياً في سنوات لاحقة يكشف ذلك دون أدنى شك حين قال: انه يعمل على أن تكون لبنان جزءا من الجمهورية الإيرانية في يوم ما وهذا هو أيضاً الذي جعل إيران تحاول أن تستنسخ حسن نصر الله في أكثر من دولة لتحقق إيران حلمها الفارسي ويكون الإنسان مجرد أداة لتحقيق ذلك الحلم. ومن حينها عادت الطائفية لتستيقظ في النفوس فهي الوسيلة الأمثل في مثل هذه الحالات... وللحديث بقية. * عضو هيئة التدريس في جامعة الدمام