علي آل غراش
الحرب التي وقعت بالعراق الاخيرة التي اطلقت عليها امريكا حرب التحرير والحرية, واطلق عليها صدام حرب الحواسم ـ والتي هي كانت حقا حرب الحواسم للنظام العراقي السابق وتصفية له ـ وقعت فيها حرب اعلامية قوية جدا وشرسة بين المؤيدين والمعارضين لها.ولقد كان للإعلام في هذه الحرب دور كبير بفضل التقنية وسرعة نقل المعلومة على الهواء مباشرة من موقع الحدث ومن عدة مواقع عبر قنوات عديدة وكان للاعلام العربي حضور قوي جدا ومميز ولافت حيث استطاع جذب المشاهدين اليه بل انه اجبر القنوات الاجنبية على نقل الاحداث عنه وان يكون مصدرا لها للاخبار.ولكن للأسف الشديد ان الاعلام العالمي, والعربي بالخصوص كانا يفتقدان المصداقية والحقيقة فكل يغني على هواه وحسب المصالح فالمؤيد للحرب نقل الاحداث كما كانت تريدها امريكا ومن يسير في ركابها, ومن له موقف مخالف ومعارض للحرب نقل الصورة كما يريد هو ان يراها.واغلب الإعلام العربي وعبر قنواته الفضائية اتخذ موقف الشارع العربي المعارض للحرب والذي يرفع راية الجهاد والقومية والوقوف مع العراق, ولقد اتجه الاعلام العربي بمسايرة الشارع بالأمنيات والأحلام والانفعال لارضاء هذا الشارع فأخذ يبث ويسلط الاضواء على كل ما يعجب ويشد ويزيد من حماس الشارع العربي وذلك من اجل زيادة عدد المشاهدين والمتابعين واصبح الإعلام العربي وامكاناته وقدراته الكبيرة في التغطية مجرد صراخ وانفعال وامان وفقد بذلك الواقعية والاتزان.وبذلك العمل كسب الإعلام العربي الشارع العربي والحكومات العربية وفقد المصداقية والواقعية والتفكير السليم, فقد صاحب الحق والقضية العراقيون المعارضون للنظام العراقي الصدامي الحق بالظهور والتعبير عن آرائهم وافكارهم عبر الإعلام العربي. بل ان معظم اجهزة الإعلام العربي كانت تظهر هؤلاء المعارضين للنظام في بغداد على انهم مرتزقة وخونة وانهم ضد التيار العربي المعارض للحرب ولقد حاولت تلك القنوات التنكيل والتشويه بالمعارضين والمؤيدين للحرب.ولم يكن في الإعلام العربي سوى اعلام عربي واحد فقط سمح للمعارضة العراقية وللمؤيدين لإسقاط النظام الصدامي بالتنفس والتعبير.. ولكن للأسف ان هذا الاعلام اندفع اكثر من اللازم والمطلوب وسقط في بحر الإعلام الامريكي المتلاطم ونقل الاحداث بالصورة الامريكية وكما تريد امريكا ان تكون وليس حسب الحقيقة والواقع.