إرهاب القديح يمس الوطن بأكمله
الحادث الإرهابي في مسجد القديح يؤكد بصورة قاطعة أن الإرهاب يزداد شراسة في ضرب أحد أهم عوامل الوحدة الوطنية، فلم يعد الأمر مجرد عملية إجرامية لأفراد ضلوا وانحرفوا بمنهجهم العقدي وإنما تطور ذلك سلبيا لتهديد لحمة الوطن وتفرقة أبنائه، اعتمادا على مبادئ تكفيرية ضالة لا علاقة لها بدين أو عرف أو قيم اجتماعية وإنسانية، فما حدث مأساوي ومؤسف لأنه طال بعض أبناء وطننا الآمنين وهم في بيت الله يؤدون صلاتهم، ومن يتطاول على حرمة المسجد لا يمكن أن يكون دينه الإسلام الذي يدعو إلى السلام والتسامح.انحراف المنهج الديني هو أساس التفكير الهمجي للضالين الذين يتم تغييبهم عقليا ليتحولوا إلى أدوات متفجرة لا تتورع عن قتل الأبرياء بمن فيهم أطفال بكامل براءتهم، وحين ننظر في الصورة التي تم فيها الحادث نتأكد أن ذلك الفعل الإجرامي لا يصدر إلا من شخص مجرم لا يستند إلى دين مطلقا لأنه لا يوجد دين يهلك الأنفس بهذا المنحى الوحشي، والعدائي الفاجر، فكل الأديان وفي مقدمتها الإسلام تكرم النفس وتصون حرمتها إلا ذلك الفكر الذي فقد البوصلة وانتهى بالموت والتفجير حتى في بيوت الله الآمنة.عزاؤنا لعائلات الضحايا وهم أخوة لنا في الدين والوطن والإنسانية والمجتمع الواحد الذي ننتمي اليه، واختلاف مذاهبنا إنما هو من السنن الطبيعية في البشر، وليس ذلك موجبا للوصول بالخلاف والاختلاف إلى الدم والقتل وانتهاك حرمات الأنفس، وما صدر فعل مذموم يلقى كل الاستهجان والاستنكار، لأنه جريمة بمعنى الكلمة، ولكنها حالة إرهابية لا تزال تستهدف بلادنا بصورة عامة ولا تخص فئة دون أخرى، لأن ما حدث في القديح سبقته أحداث في الرياض وجدة وغيرها.الشر يعم والخير يخص، تلك قاعدة للأسف تتطابق مع المجريات الإرهابية لفئات ضالة لا تزال تعتقد في أفكار عقدية باطلة تقدم لنا مثل هذا الإجرام والإرهاب، وبلادنا ظلت تعاني لسنوات من إرهاب هؤلاء الضالين بما يستوجب وعيا وعملا جماعيا يعزز لحمتنا ويكفينا الفتنة التي يمكن أن يتسبب فيها هذا الإجرام، فالفاعل في حادث القديح مطلوب أمنيا ووالده موقوف وينتمي لتنظيم إرهابي، وذلك يفترض أنه تم التخطيط للجريمة وتنفيذها بدم بارد.الإرهاب يتطلب مواجهة شاملة يختص بها كل مواطن سعودي، لأن المستهدف هو الوطن واستقراره وأمنه وسلامه وتعايش أبنائه، وإذا لم نرتفع بالوعي الى المستوى الذي يمتص تلك المخططات والأهداف القبيحة فإننا لن نسلم، ولنا في عبر التاريخ وتجارب غيرنا من الشعوب عظة ودرس، فإنما حصلت فيها التفرقة حين استسلمت لأهداف الضالين وتعاملت دون وعي مع ما يفعلون لتفريقهم وتشتيتهم فكان ان انتهوا لأحقاد وفتن وصراعات فقدوا فيها الوطن والسلام الداخلي.في اعتقادي أننا ووطننا أكبر من أن نسمح باختراقنا من خلال جرائم إرهابية كهذه، ومن خلال تجارب أجهزتنا الأمنية وفعاليتها في ملاحقة هؤلاء المتطرفين يمكننا أن نثق فيها للحفاظ على الأمن، وأن ندعمها بأفق يتسع لاستيعاب أغراض الذين يحيقون بمكرهم السيئ على بلادنا، فنحن من نقاوم ونصد كيدهم بوعينا وتكاتفنا واحترامنا لبعضنا. باحث اجتماعي