نجيب الزامل

عيديتي لكم في العيد: دوبامين الحب

- بادئة:«ترجّح أبحاثٌ علميةٌ أن الحبَّ ليس سوى دافعٍ بيولوجي بدائي مثل الجوع. بعد أبحاثٍ قامت بها عالمةُ الأنثروبولوجيا «هيلين فيشر» بجامعة «روتجرز» الأمريكية، تبين أن السببَ وراء الاستغراق في نشوة الحب هي حبيباتٌ بالمخِّ تتصف بتركيزٍ عالٍ من مستقبلات «الدوبامين» المادة المسئولة وراء إيقاد مولدات الحبِّ بالدماغ».انتهتْ البادئة، واجعلوها الآن في قاع أدمغتكم، وأرجو أن تصغوا لما سيأتي.هل سمعتم هذا الخبر؟ماذا؟ لا، لم تسمعوه. إذن سأخبركم عنه واعتبروه عيديتي لكم.. ولكم أن تبادلوني العيديات إن رأيتم ذلك. والحقيقة أرجو أن تروا ذلك!اجتمع مجلسُ الحبِّ الكوني مؤخراً، وهذا ما دار في الجلسة النهائية.افتتح مديرُ «مجلس الحب الكوني» الجلسةَ الأخيرة، التي عقدت بقاعة المحبة الدولية ذات اللون الأحمر الناقع المعروفة بمعمارها القلبي المفتوح، وبقية الأعضاء جالسين بمحبّةٍ على مقاعد مريحة بشكل قلوبٍ حمراء. تنحنح مدير الجلسة «حبيب بن لوف آل آمور» بحِنِّيَةٍ، وبإيماءةٍ حنون صدح بصوتٍ عذبٍ ببيان التوصيات المليء بإشارات التعاطف قائلاً: خرج المجتمعون بإجماعٍ ودّيٍّ وحبِّي عميقَيْن، بعد جلساتٍ وجولات عاطفية خالصة بالقرارات الوردية التالية:أولًا:شراءُ ملايين الأطنانٍ من مادة «الدوبامين» مهما كلفت من الأثمان كقرارٍ كوني تبذل فيه الأممُ المشاركةُ كل جهودها لتوزيعها لمستحقي الدوبامين من شعوبها والجوعى له من قبل فروع منظمة الحب الدولية في كامل الكرة الأرضية، لإعادة مسار هذا الكوكب لدروب المحبة والسلام وصيانته من طرق الشر والحرب والقسوة وإنذارات الفناء.ثانيًا:تتولـّي الهيئة العالمية التطوعية «مراسيلُ الحبِّ بلا حدود» التجوالَ حول العالم للوصول للأصقاع البعيدة من الأرض لتضمن وصول مادة الحبّ للجميع من قبل الوكالة، بدون اعتراضات جغرافية أو سياسية أو أثنية أو ديكتاتورية. ثالثًا:نظراً لظروف العالم العربي بعد «ربيعه» الذي تتدهور وهوي من بواعثه الحُبية، قررت لجنة الاستثناءات الحُبيّة العليا المنبثقة من مجلس الحب الكوني إعطاء الأولوية هذه المرة إلى الفئات التالية:- كل زعيم عربي يسكر جذلاً بتعذيب مواطنيه وسومهم سياط الظلم وممارسة الطغيان وهم يطلعون في مسيرات للمناداة بحقوقهم الأساسية.- كل زعيم ومسئول يخنق الحريات، ويسحق الرأيَ ويدوس الكرامات، ويسلخ أهاب الإنسانية عن أفراد من شعبه لمجرد أنهم صدقوه فيما يرونه من آراءٍ، بقياساتهم الحرة، صادقة.- كل من يقود عصابات للكراهية والحقد والقتل السادي باسم الدين، وكل من يدعو لذلك للناس وبالذات للشبيبة الطالعة التي تشتعل حماسة فيستغلّها الأشرارُ للشر، حيث لم ينجح الخيِّرون في استغلالها للخير.رابعاً:- تزوَّد الإدارة الأمريكية بجرعات صافية من الدوبامين لطرد عفاريت الحرب من البنتاجون، وجن التعصب من الكونجرس، وشياطين الغدر في أروقة وزارة الخارجية.- جرعات متصاعدة وشديدة التركيز ومتواصلة الحقن لذئب الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو وعصاباته المهووسين بشرب دماء المدنيين الفلسطينيين طازجة من نزف الشرايين.والقائمة طويلة.. إلاّ أن خبراً عاجلاً داهمنا الآن نقرؤه عليكم، وقلبُ المُحبِّ ينفطرُ:«وصلت أنباءٌ شبه مؤكدةٍ بأن كلّ المذكورين في قائمة توزيع مجلس الحب الكوني، أُعْطِيَتْ لهم فعلا مادةُ المحبة الدوبامين، ولكن.. رفضتها أجسادهم!».