هل رسمت مستقبلك المالي؟
انتهت سنة دراسية صعبة لأبناء الموظف فهد، تخرج بها ابنه من الثانوية ونجح اخوته الباقون وبدأت عطلة زوجته المعلمة في مدارس حكومية، يعاني فهد من سلسلة فواتير متراكمة أعقبت العيد ورمضان، كما انه اشترى سيارة بالتقسيط خلال الأسبوع الماضي لابنه محمد المتخرج حديثا والمقبول في الجامعة الحكومية، وهو أمر جيد بالنسبة له وفر عليه البحث عن مصادر اخرى للتمويل لسداد أقساط دراسة ابنه في احدى الجامعات الأهلية، لكنه في نفس الوقت استلف من صديق له للسفر إلى دولة أوروبية.في الواقع تساعد الزوجة أم محمد زوجها في مصروفات البيت العامة والنثريات والمطاعم، كما تتضامن مع زوجها لسداد أقساط المنزل الذي يسكنانه وابناهما الاثنان، في مساحة 300 متر، وتشاركه أيضاً في رواتب العمالة المنزلية، وبالتأكيد تقوم بدورها تجاه أهلها ومجتمعها، كما هو حال المجتمع السعودي ككل، ويساعدها دوما في تغطية تلك المصاريف بطاقات الائتمان.إن دقيق الملاحظة سيجد أن أوضاع هذه الأسرة المالية تعاني من عدم الاستقرار، وهم يعيشون يومهم فقط دون النظر للمستقبل، وبذلك يتكبدون المزيد من الديون والفوائد التي تستحقها الأسرة بالأساس لو أنها خططت ورسمت مستقبلها المالي، وللأسف أن هذه الحالة متكررة دائماً، بل وطبيعية لدى كثير من الأسر السعودية.في الواقع، حالهم كحال الشاب الطائش الذي يقود سيارته بسرعه جنونية، ويستمر في تجاوز السرعة القانونية ويتلقى مخالفات ساهر تباعاً حتى يحصل له حادث يتسبب في وفاته، وقد كانت مخالفات ساهر مؤشر تحذير له ليخفف من سرعته، لكنه استمر وهنا المشكلة.تقول خبيرة التخطيط المالي الشخصي الامريكية سوزي أورمان : «عليك أن تتوقف عن الكذب على نفسك فيما يتعلق بمالك من خلال الانفاق أكثر مما تكسب، أو من خلال التظاهر أمام الآخرين أن لديك من المال أكثر مما تملك بالفعل، لا مفر من البدء في قول الحقيقة».وإذا ما وصلت الثقافة الفردية إلى هذا المستوى فبالتأكيد سوف نتجاوز ما تشير إليه الأرقام المنشورة بأن اجمالي القروض الشخصية وهي جزء من الديون الفردية في المجتمع يتجاوز 322 مليار ريال، وهو ما يحتاج إلى حملة وطنية كبرى من قبل الجهات المسئولة لدعم التوعية بمفاهيم الادخار والاستثمار والتخطيط المالي الفردي على المدى الطويل.