د. أمل الطعيمي

المجلس البلدي غائب

كلما مررت بهذا الاسم (المجلس البلدي) تذكرت حالنا أيام المرحلة الابتدائية عندما كانت المعلمة تنادينا للتأكد من حضورنا، فترد كل واحدة عن نفسها، نعم ،أو حاضرة، فإذا نادت من لم تحضر كان الرد جماعيا منا، غائبة. ولكن غياب أعضاء المجلس قد طال كثيرا وكأنهم يشاركون في ولادة متعسرة طال انتظارها بل طال انتظارنا لأخبارها، فلا أحد يخبرنا ما الذي يتم في الداخل نريد الاطمئنان على صحة الجنين والأم بل وحتى الطبيب!! ومع هذا الغياب كله أفاق القوم اليوم ليتنادوا بالتركيز على مشاركة المرأة في المجلس بين تحليل وتحريم، وياللسخرية، فنحن نعود دائما لنبدأ من أول السطر في كل موضوع نأتي بورقة جديدة وقلم جديد ونبدأ، وكأن شيئا بالأمس لم يكن سواء لدينا أو لدى من سبقونا في مثل هذه الأمور. نبدأ من الصفر ونناقش ما بت فيه من قبل هل يجوز للمرأة أن تتحدث وأن تعبر وأن ترفض وأن توافق؟ فضلا عن، هل يجوز لها أن تتاجر أو تتعلم أو تبيع أو حتى تحيا! وننسى السيدات خديجة، وعائشة، وأسماء، وفاطمة، وغيرهن كثيرات ممن علمن الرجال، وآوين الرجال ووضعن الخطط، وشاركن في الإدارة والتعليم والتطبيب! لتخرج علينا ثلة من مشوهي العقول والأفكار من حين لآخر وكأنه لا بد أن يبرزوا عيوبهم الفكرية كل مرة، ولا بد أن يشوهوا الصورة كل مرة، ولابد أن يستفزوا المجتمع للدخول معهم في مهاترات فارغة من العقلانية ومثقلة بالسخرية المرة الموجعة التي لم تسمن ولم تغن من جوع حتى يومنا هذا مع هذه الموضوعات الجادة والتي يفترض أن يترتب عليها ما هو خير وأبقى للمجتمع.. هذه السخرية وتلك المهاترات العامة يقابلها غياب المنهجية عن عمل المجالس البلدية التي سلبهم غيابها ثقة المجتمع بهم وبدورهم وبقدرتهم. فبعد دورتين كاملتين تفرد فيهما الرجال بالمجالس وكانت ثمرتهما حتى تاريخ البحث عن أخباره ثماني وأربعين جلسة قرأت فيها مقترحات تلو أخرى بدءا من عبارة (ناقش المجلس مقترح…) وانتهى الأمر بالبحث عن نتائج تلك المقترحات على أرض الواقع فلم أجد شيئا، حتى تساءلت هل عمل أعضاء المجلس هو اقتراح وعمل الأمانات هو جمع ورق المقترحات لتعبئة الموقع الاليكتروني للمجلس؟! هناك جدول أعمال وهناك أفكار وهناك (كلام كبير) في التقارير ولكن كل ذلك لم يضع أيدينا على تحقق احدى سلطات المجلس وهي سلطة التقرير والمراقبة. ودعك من التقرير فأمره يطول لأنه يخفى علينا! ولكن ماذا عن المراقبة؟ أين دورهم فيها ونتائج ذلك الدور؟ غائبة هي أيضا!! وماذا بعد؟ ليس لنا إلا التقرير الدوري المكتوب فلعل وعسى أن نحظى بشيء ما يستحق الذكر، ولكن ما يستحق الذكر كان غائبا أيضا!! فكلماته التي تعد من انجازاته تبدأ بعبارات مثل (أوصى المجلس بالتنسيق) و (أوصى بضرورة) وهذه هي الحصيلة نسق وأوصى!! وحتى لا ننكر الجهود فهناك جهود لغوية منطوقة، ومكتوبة، وزيارات ميدانية، واجتماعات مملة بالتأكيد، وورش عمل لتعلم التخطيط الاستراتيجي!! فكل هذا يا أعزائي عمل متعب وثقيل احتمله أعضاء المجلس نسأل الله لهم العون ولنا الصبر والسلوان بالتقرير الذي جاء فيه يا سادة يا كرام (يصعب على المواطن أن يلاحظ انجازات المجلس وذلك لعدم وجود خط فاصل وملموس بين انتاجية المجلس والأمانة، ولا يمكن الفصل بينهما وهدفهما واحد... وأن المواطن الذي يمثله عضو المجلس يعتبر مشاركا هو الآخر في الانجازات)!! وبس خلاص.