ماثيو وِنكلر

الطاقة النظيفة تتفوّق على السوق

مناصرو البيئة يحبون شركات الطاقة التي لا تُلوّث. ذلك ينبغي أن يكون واضحاً. لكن ما ليس واضحا بالدرجة نفسها، هو ان المستثمرين أيضا يحبون الشركات التي لا تسبب التلوث.وتبيّن أن أسهم شركات الطاقة النظيفة هي استثمارات أفضل من أسهم الشركات التي تقوم بإنتاج معظم الطاقة في النصف الغربي من الكرة الأرضية، كما تتفوّق على بقية سوق الأسهم أيضاً.والدليل على ذلك موجود في مؤشر بلومبيرج للطاقة النظيفة لبورصة نيويورك في الأمريكيتين. الشركات المدرجة على المؤشر، والبالغ عددها 141 شركة، جميعها قائمة في أمريكا الشمالية والجنوبية، وقد استطاعت تحقيق عوائد بنسبة 32.62 بالمائة في العامين الماضيين. في المقابل، قامت 40 شركة من شركات الطاقة التقليدية في مؤشر الطاقة ستاندرد أند بورز 500 بتحقيق عوائد بنسبة 1.02 بالمائة خلال نفس الفترة، وذلك وفقاً لبيانات جمعتها بلومبيرج. كما تتفوّق الطاقة النظيفة أيضاً على بقية سوق الأسهم، وارتفع مؤشر الطاقة النظيفة بنسبة 6.02 بالمائة حتى الآن هذا العام. ثم يأتي بعده كل من مؤشر ستاندرد أند بورز 500 ومؤشر راسل 3000، اللذين حصلا على 3.12 بالمائة و3.86 بالمائة على التوالي في عام 2015.وميزة الطاقة النظيفة تبلغ من العمر عامين، وقد كانت تتسلل منذ عقد من الزمن. خلال الأعوام العشرة الماضية، استطاعت مؤشرات الأسهم لشركات الطاقة التقليدية تحقيق عوائد بما مجموعه 82.71 بالمائة. وهذا كان تقريباً ضعف مقدار ما قام مؤشر الطاقة النظيفة بتحقيقه، الذي حقق عوائد بنسبة 41.86 بالمائة. ولكن المقارنة على مدى خمسة أعوام تبدو مختلفة جداً، مع تقلّص الفارق ليُصبح 12.53 نقطة مئوية؛ حيث حققت الطاقة التقليدية عوائد بنسبة 57.74 بالمائة والطاقة النظيفة بنسبة 45.21 بالمائة.وهناك الكثير من الشركات البارزة في مؤشر الطاقة النظيفة. ألتيرا باور، شركة تزويد الكهرباء في كندا، تملك وتقوم بتشغيل المنشآت لتوليد الكهرباء من مصادر الحرارة الأرضية، والطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح في أمريكا الشمالية والجنوبية. وقد استطاعت الشركة إنتاج عائدات إجمالية بنسبة 28 بالمائة خلال الشهور الـ 12 الماضية. تقوم شركة آيه إي إس جينر في تشيلي بتشغيل المحطات الكهروحرارية والكهرومائية في الوقت الذي تقوم فيه ببيع الكهرباء في سوقها المحلية في تشيلي حتى أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة. واستطاعت شركة آيه إي إس تحقيق عائدات إجمالية بنسبة 34 بالمائة خلال الشهور الـ 12 الماضية. كذلك شركة سولار الكندية، التي تصنع منتجات الطاقة الشمسية، قامت بتوليد عائدات إجمالية بنسبة 19 بالمائة خلال العام الماضي.وتبيّن أن شركات الطاقة التقليدية هي استثمارات رديئة خلال نفس الفترة. شركة كونسول للطاقة، شركة تعدين الفحم، والنفط والغاز الطبيعي القائمة في بنسلفانيا، خسرت قيمة بنسبة 51 بالمائة خلال الشهور الـ 12 الماضية. وشركة تشيزابيكي للطاقة في أوكلاهوما، شركة إنتاج النفط والغاز الطبيعي، خسرت 61 بالمائة خلال نفس الفترة. بالنسبة لشركة شيفرون، شركة إنتاج وتكرير وتزويد النفط الخام، والغاز الطبيعي والمواد الكيميائية القائمة في كاليفورنيا، فالرقم هو 22 بالمائة. انهيار أسعار النفط منذ الصيف الماضي ألحق الضرر ببعض من هذه الشركات لكن لا يُمكن أن يفسر اتجاهاً كان يتطوّر على مدى أعوام.وظهور شركات الطاقة النظيفة باعتبارها الرائدة في السوق يأتي وسط تراجع مستمر في تكاليف إنتاج الطاقة المُتجدّدة. انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية لكل ميجاوات في الساعة لتُصبح 128 دولارا اليوم بعد أن كانت حوالي 315 دولارا في عام 2009. كذلك تكلفة طاقة الرياح لكل ميجاوات في الساعة هي 85.48 دولار، بانخفاض من 96.09 دولار.ولكن الاتجاه هو عكس ذلك بالنسبة للطاقة التقليدية. إيرينا أزماندسون، كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية عن ولاية كاليفورنيا، التي تملك شركات تكنولوجيا الطاقة النظيفة ذات الأداء الأفضل المُقيمة في الولايات المتحدة، قالت: «إن تكلفة الطاقة التقليدية سوف تستمر بالارتفاع لأنه تم استغلال معظم مصادر النفط والغاز الأرخص»، كذلك فإن «أسعار استكشاف، واستخراج ومعالجة» نفط المياه العميقة ورمال القطران ستبقى مُكلفة نسبياً. أما أسعار إنتاج تكنولوجيا الطاقة النظيفة، فمن المرجح أن تستمر بالانخفاض». ما هي المرحلة التالية؟ نتوقع أن الخط الفاصل بين شركات الطاقة التقليدية وشركات الطاقة النظيفة سيكون مصيره الاختفاء. يقول فرانشيسكو ستاراتشي، الرئيس التنفيذي والمدير العام لشركة إنيل، أكبر شركة للطاقة في إيطاليا، في مقابلة أجريت هذا الشهر في مكتبه في روما: «هناك تقارب الآن بين الطاقة التقليدية والطاقة النظيفة. على الأمد الطويل، سوف تحتاج مولدات الكهرباء جميعها إلى هذين النوعين من الطاقة. ولن يكون من الممكن تشغيل مولد للكهرباء بدون محفظة من الطاقة النظيفة».