خالد الشريدة

الانضباط السلوكي في السفر

الجدل الذي تمت إثارته حول مشكلة العائلة السعودية في مطار اسطنبول وحصول اعتداء بالضرب من جانب شرطة المطار على السيدة السعودية وأبنائها، انتهى الى بيان يصل بنا الى نصف الحقيقة أصدرته السلطات التركية، فيما لم نسمع أو نقرأ شيئا عن السفارة لتكتمل الحقيقة، ولكن لننظر الى القضية من خلال نصف الكأس المتاح لأن فيه جانبا من المنطق.بحسب الرواية التركية فإن الواقعة مسجلة في فيديو من خلال كاميرات المطار وفيه يظهر أن وصول العائلة إلى شرطي الجوازات، أوضح لهم أن هذا الكاونتر مخصص للمعاقين، ولكن الشاب ابن السيدة أصر على الدخول من نفس المكان، وكرر عليه الشرطي اذهبوا إلى كاونتر آخر، ولكن دون جدوى مع إصرار الشاب، وعلى الرغم من إشارة الشرطي لهم على لوحة المعاقين، وأخبرهم بأن المعاقين ينتظرون في الصف، ولكنه لم يستجب أيضا، ومن هنا بدأت المشاجرة بينه وبين الشرطي التركي، وجاءت الشرطة وحولته إلى مركز شرطة المطار.في تقديري أن سلوك الشرطة في البلاد السياحية يتحلّى بانضباط كبير لأنهم واجهة أولا، ومسؤولون ثانيا عن أي صورة ذهنية سلبية أو إيجابية، وطالما أن هناك كاميرات فالجميع تحت رحمة الحقيقة، وبالتالي تضيق مساحة الكذب في الوقائع، ومنطقية الرواية التركية تأتي في سياق أن بعض مواطنينا للأسف لا يجيدون التعامل الاحترافي مع أنظمة الآخرين حتى وإن لم ترضهم، وطالما أننا في غير بلادنا فذلك أوجب لزيادة مستوى الوعي بالتقيّد بأي اشتراطات أو ضوابط نخضع لها طالما أننا قررنا بكامل وعينا أن نذهب الى غيرنا.مسألة تجاوز ضوابط الاصطفاف في الكاونتر يمكن تصديقها لأننا داخل بلدنا لا نتقيّد كثيرا بحقوق المعاقين، وكثيرا ما يمكن أن تجد سيارة متوقفة في مكان هذه الشريحة وغيرها من مظاهر التغوّل على تسهيلاتهم، ولذلك فهناك مشكلة سلوكية بالفعل في احترامنا لحقوق هذه الشريحة، ولا يعني تجاوزها في بلدنا سواء بجهل أو عفوية أو حتى تعمّد أن نمارس ذلك في بلاد الآخرين خاصة وأن هناك منتظمين جدا ويعتبر ذلك من السلوكيات الحضارية التي لا يستهينون بها.قبل أن نقرر أي إساءة سلوك للشاب ينبغي الاعتراف بأخطاء في تعاملنا مع أنظمة الآخرين، فهم متشددون للغاية في ذلك فيما لدينا تراخ ولا مبالاة ندفع ثمنها فيما حدث، ولا يمكن أن نميل فورا لتخطئة الأتراك أو غيرهم وتبرئة شبابنا، فيما نعلم أن هناك خرقا سلوكيا في تعاملنا مع الآخرين في بلادهم، ولذلك نرى كثيرا من الإرشادات التي تصدرها وزارة الخارجية أو هيئة السياحة أو السفارات ولكن يبدو أن هناك عدم اهتمام بها، ونطلق العنان لمخيلتنا في تصور الواقع في بلدان ربما لم نرها من قبل.من الأهمية بمكان التفكير في تقديم أنفسنا كعناوين بارزة لبلادنا حين نسافر خارجا، بل ويجب المحاسبة في حال عدم الانضباط والدخول في أي مشكلات تسيء الينا كوطن ومواطنين، أي لا نكون طرفا في أي مشكلة وتلك مسؤولية يجب حملها مع شنطنا ونحن نتجه الى بلاد الله الواسعة لأي غرض، ولا يمكن توقع أن يحترمنا الآخرون لمجرد أننا سعوديون وإنما وفقا لما نقدمه عن أنفسنا كمنتمين لوطن له قيمة كبيرة من العيب أن ننتقصها بسلوكيات سطحية وساذجة.