مقابلة شخصية
ترى هل هناك من (اسس موضوعية) يمكن ان تنطلق منها عملية المفاضلة من خلال مايسمى (بالمقابلة الشخصية)؟ لا سيما حين تكون هذه (المقابلة) سببا رئيسيا من اسباب تحديد مستقبل انسان ـ او لنقل ـ القضاء على حلم شاب في مقتبل عمره جد واجتهد وسهر الليالي، تداعبه احلام وردية لتحقيق آمال وتطلعات شاركه فيها كل من عاش معه.انه السؤال (السنوي) الذي ما انفك يطرق ذهني بكل (العنف والشدة) منذ زمن ليس بالقصير، ويزداد في تردده (الحاحا) كلما سمعت عن واحدة من تلك القصص (الحقيقية) لطلاب لايمكن وصفهم بغير صفة (المميزين علميا) ومع ذلك فقد دفن تميزهم هذا في المقابر الجماعية )لامتحان القدرات تارة وامتحان القبول التي تجريها بعض جامعاتنا تارة وفي (المقابلة الشخصية) التي ستكون محورا لحديثنا اليوم تارة اخرى.انني والله لارثي لحالة كل ولي امر اعطاه الله طول العمر ليجد فلذة كبده يتقدم لامتحان الثانوية العامة لالشيء سوى انه قد كتب عليه ان يعيش (سنة كاملة) بكل طولها وعرضها تغتاله الهواجيس التي لاتنتهي.تبدأ رحلة التعب والاعصاب والمعاناة عندما تهجم (الامتحانات) بكل شراسة على الاسرة قالبة كيانها رأسا على عقب، وبالتالي يعيش الجميع حالة (طوارئ دائمة) لا تنتهي الا مع نهاية الامتحانات.ثم تبدأ رحلة (انتظار النتائج) والكل يعيش على امل ان يحظى ابنه بمجموع يعطيه موطئ قدم في احد جامعاتنا التي لاتقبل سوى (المجموع المرتفع جدا) وبالتالي فمن لم يحالفه حظه في الحصول على المجموع المنتظر فان سحابة من الحزن والكآبة ستغيم على الاسرة بكاملها، ويصبح نجاح الابن بالتقدير المنخفض سيئا محزنا يزيد من وطأتها نظام وزراة التربية والتعليم (الفريد) الذي لايسمح لهذا الناجح التعيس بان يعيد سنة الثانوية.وبعدها يظل القادم الجديد المسمى (بامتحان القدرات) ليزيد هو الآخر من حالة المعاناة، وبالتالي تصبح نتائجه حديث المجتمع لاسيما وان معظم جامعاتنا تشترط الحصول عليه بل وتعطيه وزن مانسبته 30%.ثم تأتي قبل نهاية المطاف (امتحانات القبول) التي تشترطها بعض الجامعات بل ان بعضها تعتبره (الشرط الاساسي) لعملية القبول بغض النظر عن المجموع الذي حصل عليه الطالب في شهادة الثانوية العامة.وعود على بدء، دعوني اقر واعترف ان هناك بعض المهن التي تتطلب في شاغرها صفات معينة قد تكون جسدية ام مظهرية او كليهما معا وهناك ممن لابد وان يسجل شاغرها حضورا ذهنيا مدعوما بسمات شخصية معينة وبهذا يصبح من الضروري جدا ان يفحص كل من يتقدم لشغل هذه الوظائف سواء اكان ذلك عن طريق مقابلة شخصية او أية آلية اخرى يرى القائمون مناسبتها بشرط ان تكون هناك اسس ومعايير موضوعية واضحة لضبط عمليةالمفاضلة بين المتقدمين نستطيع من خلالها اقناع كل من لم يحالفه التوفيق في اجتياز هذه الآلية بان اخفاقه راجع لاسباب موضوعية وليست مزاجية.طالب سليم البدن مقبول الهيئة والاهم من هذا وذاك انه طالب يقع ضمن فئة ما يمكن ان يطلق عليه صفة المميز علميا هذا اذا اخذنا في الاعتبار ان نسبة لاتقل عن 95% في القسم العلمي الثانوي يعتبر دون ادنى شك معيارا موضوعيا لصفة التميز واني لاحسبها كذلك ومع ذلك يرفض في كليات طبنا المنتشرة بحمد الله هنا وهناك وتقتل جميع طموحاته وآماله بسيف (المقابلة الشخصية) البتار هذا مع العلم ان ملف هذا الطالب قد سبق له وان قبل في الجامعة المتقدم اليها مما يعني استيفاءه للشروط الموضوعية او ان شئتم الاكاديمية لعملية القبول.ولك ان تتصور عزيزي القارئ مدى ما يصيب هذا الطالب من الم نفسي ومدى مايصيب والديه من خيبة امل قد يتضاعف وبالذات عندما يعلم الطالب ووالداه ان من هم ادنى مستوى علمي منه قد قبلوا ويبحثون عن الغريم الذي قتل الطموح وشتت الامال فلا يجدون من اجابة شافية سوى الفشل في اجتياز المقابلة الشخصية.ولعل المضحك المبكي يا أعزائي ان هناك بعضا من اقسام كليات الجامعة وكليات تعليم البنات التي ليست في العير او النفير قد اصابتها هي الاخرى عدوى المقابلة الشخصية هذا مع العلم ان رغبات الالتحاق بهذه الاقسام ليست بالضخامة التي تستوجب مثل هذا الاجراء وليس هناك من دافع او سبب موضوعي على الاطلاق لاشتراط شرط المقابلة الشخصية سوى المثل الشائع مافيش حد احسن من حد.مرة اخرى اكرر بانني لست ضد عملية المفاضلة بحد ذاتها ولكنني ادعو وبكل الالحاح الى معايير موضوعية لهذه المفاضلة تبرى اللعة اولا باول وتقدم اجابات شافية لكل من يسأل لماذا؟ثانيا لاسيما ونحن نتحدث عن اداء منارات المعرفة ترفع شعار العمل الاكاديمي الذي يشكل مطلب الموضوعية وآخذة من اهم اسسه ومقوماته.لا اوقعنا الله واياكم ومن نحب في بلية المقابلة الشخصية وماقد يسبقها وما يأتي بعدها.وعلى الحب نلتقي