بعض البدايات التشكيلية
شهدت المنطقة الشرقية حضورا تشكيليا مبكرا يتوازى مع ما شهده بعض المدن الأخرى، ففي الاحساء والدمام والقطيف وغيرها، كانت النشاطات المبكرة هي محاولات مدرسية لبعض المتفوقين وهواة الرسم وكان للمدارس الدور في التشجيع، لكن مواقع بعض تلك الانشطة تجاوزت المدارس الى الاندية الرياضية على الخصوص، فنشاطات الاندية المتنوعة أوجدت للرسم مكانة واعتبارا. وأتذكر انه في نادي الاتفاق بالدمام كان هناك نشاط مسرحي على الخصوص واكبه نشاط تشكيلي، بالمثل في أندية أخرى كهجر والجيل والترجي والخليج والبدر والنور وغيرها. كما كان لمركز التنمية الاجتماعية في القطيف دور في الاهتمام بالفنون والمعارض ولعلنا نستعيد مع ذلك اسم حسن السنان في القطيف واقامته معارضه برعاية المركز، يقابله محمد الصندل - يرحمه الله - الذي عمل معه سويا في مدرسة واحدة بالقديح، لكن عروض الأخير تأخرت الى بداية السبعينيات في الاحساء.الأسماء التي ظهرت مبكرا كانت تتفرق بين الاندية، وليس هناك ما يجمع بينها، فأبناء المدينة الواحدة ربما ينحازون أو يستقطبهم ناد عن آخر. ففي الاحساء كان ناديا هجر والجيل وغيرهما أقاما نشاطات متنوعة كاصدار الصحف أو معارض الرسم أو حتى رسوم طلاب المدارس، ايضا في سيهات ومن خلال نادي الخليج أو النسر أقيمت معارض لشباب المدينة، كان هناك نشاط لبعض الموهوبين، وكان معظمهم على مقاعد الدراسة وبالمثل في القطيف التي كان فيها أكثر من ناد خلاف البلدات الأخرى والقرى التابعة لها مثل تاروت أو سنابس أو صفوى أو غيرها. كانت النشاطات المبكرة واضحة والأسماء تحضر وتغيب حسب الظروف والامكانات وحسب المتاح، لا شك في ان الأسماء الأولى في نشاطاتها المبكرة لم تتعلم الفن إلا في المدارس الابتدائية أو المتوسطة أو على الاكثر الثانوية أو بعض المعاهد، وأنا هنا أعني أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. ففي النصف الأول من السبعينيات كان اهتمام كلية البترول التي سميت فيما بعد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالموهوبين فأقامت معرضا شارك فيه عدد من الأسماء، وكان حدثا ملفتا حينها. كما كانت مجموعة أو جماعة قد نشأت في الظهران تكونت من هواة فن يعملون أو يعمل اقاربهم في شركة أرامكو السعودية ونظموا عملهم ونشاطهم المبكر قاصرينه على أنفسهم وفي اطار المكان الذي يسكنونه أو يعملون فيه وأعني مدينة الظهران وداخل أسوار سكنهم، والانفتاح عليهم أو قبولهم من الخارج كان محدودا جدا. وحسب علاقة تربط رساما بأحد المنتسبين للمجموعة دعت أرامكو الفنان الراحل عبدالحليم رضوي واستضافته للرسم عن البترول واقامة معرض لبعض أعماله، وتحكيم مسابقة لرسوم طلاب مدارس المنطقة ذلك وسط الستينيات لم يبدأ ابتعاث دارسي الرسم أو هواته الى الخارج إلا في السبعينيات (سعود العيدي الذي كان أنهى دراسته في معهد التربية الفنية، وكمال المعلم وعبدالله المرزوق وعبدالحميد البقشي) وآخرون. كان معهد التربية الفنية في الرياض قد افتتح منتصف الستينيات والتحق به عدد غير قليل من الاسماء الموهوبة التي أنهت المرحلة الدراسية المتوسطة مثل ميرزا الصالح وعلي الصفار ومكي درويش ومحمد الحمد وغيرهم.في المنطقة الشرقية ظهرت في البداية أسماء كثيرة ولعل أدلة معارض مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب وثيقة على ذلك وعلى العدد الاكبر من الاسماء علما بأن هذا الاهتمام ظهر بعد أعوام من نشاطات الاندية الرياضية التي نظم عملها مكاتب الرئاسة. ومع بدايات تلك المعارض كان للمرأة حضور ومشاركة لافتان، وقد برزت بين تلك الاسماء بدرية الناصر التي واصلت المسيرة، وخديجة مقدم، فيما توقف أو تباعد الكثير من الرسامات.