العمل العام والإعلام
العمل العام عملية متصلة لا تنقطع بانقضاء فترة مسؤول، وإنما يأتي من خلفه ليواصل على ذات الخطط والاستراتيجية إلا إذا ثبت فشلها بما قضى باستبعاد سلفه أو انتقاله إلى مرفق أو جهاز آخر، لأنه يفترض أن كل الأجهزة والمؤسسات تعمل بموجب خطة عامة للدولة تم وضعها في إطار استراتيجية عليا من خلال وزارة التخطيط، ولذلك فان الشفافية ينبغي أن تكون العنوان الأبرز والأكثر حضورا في العمل العام، وللأسف هي أكبر ما نفتقده في ممارستنا لهذا العمل، ولعل ذلك يتضح في عدم التواصل والتفاعل مع وسائل الإعلام بل إن شركات كبيرة ليس لديها متحدث باسمها ولذلك لا غرابة في أنها لم تنظم مؤتمرا صحفيا توضح فيه ملابسات وحقائق ما يحدث بداخلها او قضايا تمسها.ولأن الشيء بالشيء يذكر فأمامنا بعض طرق وأنفاق الدمام التي استغرقت زمنا وفي خاتمة المطاف حصلنا على مشروعات بحاجة إلى صيانة مع أول العمل بها، ولم يظهر مسؤول أمام وسائل الإعلام لتوضيح الحقائق.في اعتقادي أن هناك لبسا في فهم المسئولين لدور وسائل الإعلام إذ يريدون الاعلام بوقا حينما ينجزون أمرا على أن يصمت حينما يكون هناك اخفاق، فيما المتحدثون الرسميون غالبا صامتون أو لا يتحدثون إلا عند تفجير قضية من أجل نفيها. وفي الحقيقة هناك أمراض كثيرة في العمل العام منها البيروقراطية والمجاملة والواسطة والالتفاف على الأخطاء وتبريرها وعدم تحمل المسؤولية حتى منتهاها بالشجاعة الضرورية، ومن أسوأ الأمراض عدم الصراحة والوضوح في التعاطي مع مجريات الوظيفة ونتائجها السلبية أحيانا، وبالتالي عدم الشفافية، فحين تكون هناك كارثة نتيجة لأخطاء المدير فإنه غالبا لا يتمتع بالشفافية في إظهارها والاعتراف بالخطأ لتحمل مسؤوليتها بل قد يبحث عن كبش فداء من الموظفين الصغار لتحميله الخطأ ليحافظ على موقعه، وذلك التفاف يضر كثيرا ولا يظهر الحقيقة أبدا. لا يمكن في العمل العام التعامل بقاعدة السوق أن «الزبون دائما على حق» بحيث يكون المسؤول دائما على حق، ليصبح المواطن أو الإعلامي على غير الحق، وطالما تصدى المسؤول للعمل فإنه أصبح تلقائيا مفتوحا على النقد والمتابعة، لأن العمل ليس وجاهة أو شرفيا، وكل خطوة سيحاسب عليها إما مدحا أو ذما بحيث يقال للمحسن «أحسنت» وللمسيء «حسبك» وهي التي تنطوي على المحاسبة وإظهار الحقيقة بوصفها جزءا أصيلا من عمل الإعلام الذي يتناول الأداء العام ويجب على كل مسؤول واثق ومطمئن لعمله أن يتجاوب معه وينفتح عليه.