الأمم المتحدة زأمريكا .. مرة أخرى
يعرض وضع إعادة بناء العراق لجدلية معقدة حول الحقوق السياسية، وهل مسألة (ان تكون السلطة) احادية الجانب تمثل وضعا مناسبا ام لا؟ السبب ان الولايات المتحدة وجدت نفسها تعاني من قصور في الجنود والاموال التي تحتاجها لتحقيق الديموقراطية والاستقرار في العراق.. الدليل انها نشرت ما يقرب من 150 ألف جندي، العديد منهم موجود منذ العام الماضي، ويريد العودة للوطن.. بينما تتطلب عمليات انتشار القوات، كما هو الوضع في كوسوفو، أفغانستان، البوسنة وكوريا الشمالية، وأي مكان اخر، وجود قوات احتياطية، لاستبدالها بالوحدات الموجودة، كما إنه لا يوجد أموال لتغطية جهود اعادة البناء، التي من المحتمل أن تصل تكلفتها إلى 100 بليون دولار، وأنفقت الولايات المتحدة ما يقرب من 4 بلايين دولار في الشهر على عملياتها العسكرية في العراق، ووصلت الميزانية لأكثر من 450 بليوناً عن هذا العام، هذه المبالغ التي لا تتحمس إدارة الرئيس بوش ولا الكونجرس لسدادها. النتيجة أن البيت الأبيض يحبذ ان يحصل على مساعدات مالية وعسكرية من الحلفاء الامريكيين، ولكن هذه المساعدات قليلة، فالجنود غير الأمريكيين في العراق وصل عددهم إلى 13 ألف جندي فقط، معظمهم من البريطانيين، كما ألمحت العديد من الدول مثل مصر، المانيا، اليابان، باكستان، روسيا وتركيا، أنها قد ترسل قوات للمساعدة فقط، إذا حصل الاحتلال الأمريكي على موافقة الامم المتحدة، أو عمل تحت لوائها.. فهل هم جادون في ذلك؟ من يعرف.. ولكن لن تكون هناك خسائر في اختبار مدى صدقهم.. لماذا لا نبحث في هذا الشرط. ان وجود الامم المتحدة من شأنه ان يخفض من تجهيزات أمريكا من القوات والاموال، فلقد عملت الولايات المتحدة مع الأمم المتحدة بشكل جيد في كل من البوسنة وكوسوفو وأفغانستان، وأماكن أخرى عديدة، فلم لا نفعل ذلك مع العراق. إن الحجة الوحيدة الجادة ضد هذه الفكرة هي ان الاحتلال قد يعيق التعامل مع المشكلات والارتباكات الخاصة بالسلطة، وسير الصراع داخل البلد.. وحقيقة عن ذلك قلق مشروع، فمن الصعب استيعاب ان يكون أداء الادارة الأمريكية جيد مع تدخل قوات العشرات من الدول في العراق.. فكيف سيتحدث الأسباني مع الإنجليزي؟ وكيف سيتحدث الروسي مع الأوكراني؟ وبأي لغة سيخاطب المنغولي؟ قد تفقد وجود الأمم المتحدة وأمريكا بعض التحكم والسيطرة على الاوضاع، ولكن بول بريمر الحاكم العسكري في العراق تنازل بالفعل عن السلطة لمجلس الحكم المحلي بالعراق.الرئيس بوش لم يخطئ باتخاذه قرار غزو العراق، بدون موافقة الأمم المتحدة، فقد فعلها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون من قبل، وحلف الناتو عام 1999م، والتساؤل هو: هل وجود الأمم المتحدة هناك سيساعد أمريكا أم سيعيقها على القيام بمهامها؟ هيرالد تريبيون