سلطان الطولاني - الدمام

تراجع اليورو والنفط يخفض أسعار البضائع المستوردة 25 %

كشف اقتصاديون لـ"اليوم" أن الانكماش الملحوظ لليورو بمعدل 18.5% خلال العامين الماضيين لم ينعكس حتى الآن على أسعار المنتجات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي واليابان؛ بسبب عدة عوامل، منها سلوكيات التجار السيئة من ناحية وضع التسعيرات غير العادلة وتركيزهم على الربح الكثير، إضافة إلى عدم تحرك الجهات المعنية لخفض أسعار البضائع المستوردة نتيجة تغير صرف العملات، مطالبين بالاستفادة من الأزمات الاقتصادية العالمية مثل أزمة تراجع أسعار النفط الحالية التي يجب أن يصاحبها انخفاض في أسعار العقارات والسلع الاستهلاكية والطاقة. فواتير استيرادوقال الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الصناعية بكلية الهندسة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، الدكتور باسل الساسي: "لابد من تفعيل دور حماية المستهلك بشكل أقوى عن طريق وزارة التجارة"، وذلك عن طريق النظر في فواتير استيراد البضائع عند مقارنة صرف العملات الرئيسية، مثل اليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني والفرنك السويسري والدولار الأسترالي مقابل الدولار الأمريكي قبل 8 سنوات في فترة التضخم، مقابل آخر سنتين، والتي تتسم بالانكماش الملحوظ واستعادة الدولار قوته أمام العملات الرئيسية الأخرى، والذي لم ينعكس حتى الآن على المنتجات المستوردة من اليابان ودول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا وأستراليا، علما بأنه على سبيل المثال سعر صرف اليورو مقابل الريال السعودي لمتوسط السنوات العشر الأخيرة كان بـ 5.4 ريال سعودي لليورو الواحد، والآن أصبحت قيمة اليورو الواحد بـ 4.4 ريال كمتوسط آخر سنتين بمعدل انكماش بلغ 18.5 %، عطفا على إيقاف صرف بعض البدلات المتغيرة غير الثابتة من قبل وزارة المالية لمستحقيها في مختلف القطاعات الحكومية، مثل إيقاف صرف بدل الحاسب عن أعضاء هيئة التدريس غير المتخصصين في علوم برمجيات الحاسبات بالجامعات السعودية الحكومية، علما بأن هذا البدل يشكل 10.5 % من كامل راتب عضو هيئة التدريس، الأمر الذي ينعكس في تخفيض القوة الشرائية لدى جميع شرائح المجتمع المعنية في القطاع العام. تسعيرات عادلة وأضاف أستاذ العلوم الدولية بجامعة الملك فيصل والمختص في شؤون التصدير والاستيراد الدكتور محمد القحطاني: إن التجار يقومون بحساب التكلفة على أسعار البضائع التي استوردوها سابقا، ورغم انكماش أسعار صرف اليورو والين الياباني حاليا، إلا أن أسعار البضائع المستوردة لا تزال مرتفعة بسبب عدة عوامل، منها سلوكيات التجار السيئة من ناحية التسعيرة، ولديهم ما يعرف بالطمع والربح الفاحش، وعدم وجود معلومة واضحة أو مؤشر دقيق لأسعار البضائع مفروض من قبل وزارة التجارة يمكن من خلاله معرفة التغير، لأن البنية التحتية للوزارة لا تزال غير مهيأة، وكذلك لم يتبين حتى هذه اللحظة معدل التضخم أو مطالبة وكلاء السيارات بالمملكة تخفيض الأسعار وفقا لتغير أسعار صرف العملات.وأكد أن العديد من مصانع الدواء والغذاء الأوروبية التي تعمل في الصين بدأت بالعودة إلى بلدانها بسبب انخفاض سعر صرف "اليورو"، وكذلك انخفاض أسعار النفط عالميا الذي أثر على العملات وصرفها.وأوضح القحطاني أنه حان الوقت أن يعيد التجار برمجة سلوكيات البيع والعمل بشفافية فيما يخص عرض فواتير الشراء، وأن تكون تسعيراتهم عادلة بحيث تحقق لهم الربح المعقول، فمثلا إذا كانت السيارات الأمريكية سعرها يكلف 10 آلاف دولار أمريكي، فإن هذا السعر يضرب في 2.5 ليصبح السعر الإجمالي 25 ألف دولار، وهي القيمة الكاملة للسيارة من ناحية تكلفة الشحن والرسوم الجمركية والتأمين مع قيمة الربح، ولكن تجار المملكة دائما يضربون القيمة في 4 من أجل تحقيق أعلى معدل للربح.وبين القحطاني أنه يجب أن يكون هناك استجابة حقيقية في المملكة للأزمات الاقتصادية العالمية والاستفادة منها، مثل أزمة أسعار النفط الحالية التي يجب أن يصاحبها انخفاض في أسعار العقارات والسلع الاستهلاكية والطاقة، وما دام أن سعر البرميل يتراوح من 25 إلى 40 دولارا، فإنه يفترض أن يكون سعر السلعة المستوردة مضروبا في 2.5، وعندما يزيد سعر البرميل 45 إلى 75 دولارا، فإن السعر هنا يضرب في 3، وعندما يتجاوز الـ 75 فهنا مسموح للتاجر أن يضرب سعر سلعته في 4، مؤكدا أن أسعار النفط عندما انخفضت من 100 إلى 35 دولارا، أي بمعدل يفوق الـ 50%، فإنه يجب على التجار أن يخفضوا أسعار البضائع بنصف انخفاض النفط أي بمعدل 25%. مصاريف مساندة من جهته، قال الخبير الاقتصادي طلعت حافظ: إن أسعار صرف العملات لا تتحكم عادة، وعلى الفور، في انخفاض أو ارتفاع الأسعار بالنسبة للسلع الاستهلاكية وغيرها؛ لأن سعر السلعة وبيع التاجر لها يحكمه في الواقع قيمة مدخلات الإنتاج والتي قد تكون متبعة من الأساس في بلد المنشأ، مثل المواد الأولية التي تستخدم وطريقة التصنيع.وأضاف: هناك أيضا تكاليف إضافية قد ترفع قيمة السلعة مثل التي تتعلق بالمصاريف المساندة، كالتسويق والشحن والتأمين والتي شهدت مؤخرا ارتفاعا على مستوى العالم، وبالتالي اختلاف أسعار الصرف هبوطا أو صعودا عادة لا يكون العامل المؤثر والأساسي في تكلفة السلع، كما يعتقد البعض، وإنما هي جزء من المنظومة المؤثرة.وزاد طلعت حافظ: عندما ينخفض سعر الصرف لدولة ما، فإنه لا ينعكس بشكل فوري لأنه قد تكون البضائع مخزنة لدى التاجر منذ وقت طويل وهي بالأساس تم شراؤها بأسعار مرتفعة، وبالتالي هذا المخزون يستهلك بالأسعار التي تم شراؤها بها، ولعلي أؤكد أن سوق المملكة يعد سوقا منفتحا ويزخر ببدائل من المنتجات ذات الماركات التجارية المختلفة التي تعطي المستهلك حق الاختيار فيما بينها من ناحية السعر والجودة.