سعود بن محمد .. مدرسة الرومانسية في الشعرالشعبي
قبل أيام قلائل افتقد الشعر الشعبي أحد رواده الكبار الذين كانت لهم بصماتهم الخالدة في مسيرة القصيدة الشعبية المعاصرة وتحولاتها المختلفة، وكان هذا الفقيد رمزاً متفرداً في اسلوبه ولغته وأخيلته الشعرية المحلقة، التي استلهم منها شعراء جيله والأجيال اللاحقة أيقونة الابداع والانطلاق نحو فضاءات أرحب في طريقة كتابة النص الشعري واخراجه من رتابته التقليدية السابقة.إنه الشاعر الكبير الأمير سعود بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته، الذي انتقل الى رحمة ربه وغادر هذه الحياة الفانية وسط غياب صحفي شبه تام عن رصد تاريخ هذا الشاعر العملاق، بل ودون الإشارة إليه كشاعر، والاكتفاء فقط بتقديمه كشخصية اجتماعية اعتبارية، وهوما يعبر عن ذاكرة صحفية ضعيفة لا تستطيع الاحتفاظ بأسماء الكبار وإنصافهم!لم يكن الفقيد سعود بن محمد مجرد شاعر من أسرة آل سعود الكرام، وهو لا يستمد ريادته الشعرية من كونه أميراً، بل إن اسمه الشعري برز، وسارت بقصائده الركبان قبل أن يعرف كأمير، وهو أمير بشعره وليس شاعرا بامارته!.لم تكن القصيدة الشعبية المعاصرة في بدايتها تعرف مثل هذا التحول الباذخ في لغتها وحيويتها ورومانسيتها وديباجتها الجميلة وصورها الأخاذة؛ قبل أن تنهل من مدرسة سعود بن محمد وتتشرب ذائقته، وتتخلص من صحراويتها و.. تتمدن !في بداية مشواري الصحفي كنت ضمن وفد اعلامي وشعري وجدنا أنفسنا في ضيافة الفقيد في خيمة شعبية مضروبة في صحراء الجنادرية على هامش فعاليات مهرجان الجنادرية، وكانت من أمتع اللحظات التي أبهرنا فيها الشاعرالكبير بثقافته الغزيرة وتنوعه المعرفي وسعة اطلاعه واهتماماته المختلفة التي لا تقتصرعلى الأدب والشعر بلونيه الشعبي والفصيح، بل تضيف له التاريخ وحب الخيل والهجن والصحراء.ومن غرائب الصدف أن تجمعني قبل أسابيع قليلة من وفاته رحمه الله إحدى المناسبات بإبنه الأميرالخلوق (سلطان) وهوشاب غاية في الأدب والنبل، وكان أن اقترحت عليه سرعة المبادرة لحفظ تراث والده وابرازه في كتاب شامل ليكون إضافة حقيقية لمكتبة الابداع الشعري ومصدراً من مصادر إلهام المبدعين.وها أنذا أجدد الدعوة للأمير سلطان واخوانه الكرام لسرعة انجاز سفر والدهم العلم سعود بن محمد .. مع صادق المواساة لهم ولكل محبي الشاعرالفقيد.