هل تعود الروح لأدبي الشرقية؟
استقرار المؤسسات الثقافية ضرورة لاستمرار حركة الوعي والفكر في أداء دورها تجاه تطوير المجتمعات، وليس ظاهرة صحية بأي حال من الأحوال أن تدخل النخب الثقافية والفكرية في متاهات الصراع الانصرافية التي تؤسس لأحقاد وغبن من الصعوبة أن يزول لأنه سيظل يحرق كثيرا من القيم الوجدانية والنفسية التي يجب أن يتحاشاها المثقفون بوصفهم قدوة وقادة رأي عام، لا يمكنهم الانزلاق والانجراف تجاه الشحن النفسي.النادي الأدبي في المنطقة الشرقية مرّ بفترة عصيبة بين قيادتين، منتخبة ومكلفة، وانتهى ذلك الى القضاء الذي أعاد المجلس المنتخب ليضع بذلك حدا للمشكلة الإدارية التي يمكن أن تكون نموذجا لأهمية حل المشكلات في إطار الواقع ومنطق الأشياء، لأنه لا يمكن أن يستقيم الحال وكل الأطراف الثقافية متباعدة وغير جادة في تسوية ما يعلق في النفوس، وليس الأمر في أبعاد عاطفية بقدر ما هو صالح عام لخدمة القضايا الثقافية في المنطقة بحسب الأساليب الإدارية المنظمة لعمل المؤسسات الثقافية.في تقديري أن عودة المجلس المنتخب تعتبر تحديا كبيرا له لإثبات مدى أحقيته بقيادة العمل الثقافي في المنطقة، هذا المجلس المنتخب غيب عن المشهد الثقافي أكثر من أربع سنوات ظل فيها يصارع حتى كسب احقيته بأحكام قضائية، والواقع أن ما حدث في نهاية المطاف وبهذه الاستعادة العدلية نود ان نرى العمل الثقافي أكثر احترافية وتحديا لتطوير قدراته وإمكانياته، وطالما أنه قائم على الإبداع الذي يحلق في فضاء من النقاء ما يجعله يتجاوز أي مرارات لا تخدم المجتمع، أي لا يمكن للمثقفين بصورة عامة أن يمارسوا سياسة تصفية حسابات، فذلك أمر لا تفعله النخب، واعتقد أن المجلس الجديد عليه ان يكون قادرا على استيعاب التحدّي والنهوض بالنشاط الثقافي في المنطقة دون عودة للوراء لأنها ستكون مكلفة، والجمعية العمومية لمثقفي المنطقة ستحاسبه على النتائج في ختام الدورة فالمنتصر الحقيقي هو من يعمل بكل قوة وعزيمة، وفي تقديري أن المجلس الحالي برئاسة الاستاذ محمد بودي يمكن ان يكون قادرا على تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها النادي.فالمجلس الحالي لا بد أن يوجد قواسم مشتركة للعمل مع الآخرين للتعاون في هذه الحراك الثقافي، وأيضا الأطراف الأخرى لابد أن تتعاون مع هذا المجلس، واعتقد أن ذلك هو التحدي الذي يواجههم جميعا، فالعبرة بأن تمضي المسيرة وعدم النظر للأمور من الزاوية الضيقة التي تحدد ما إذا كان طرف خاسر أو رابح، وعقلية التسامي على المواقف يجب أن تكون حاضرة، ويجب أن نبتعد عن الشكاوى الكيدية التي لا تخدم في تقديري أي طرف من الأطراف الثقافية، فليس سهلا أن نقدم للأجيال المبدعة التي تنتظر أداء مؤسسيا حقبة من الصراع والجدل الذي لا ينتهي الى خير، وإنما يؤثر على النشاط الفكري بالمنطقة في المواقف وإبداء الآراء.لا بد من مقاربات وفتح الأبواب لتدخل الريح الثقافية كنسمات تسمو بالروح وتتخلص من الشد والشحن الذي يعلق في النفوس، فليس من مثقف يخدم قضايا نفسه ويتوقف، طالما أن هناك مؤسسات معنية بتنظيم وتطوير العمل الثقافي، وهي حق للجميع بلا استثناء، وإننا جميعا نترقب وننتظر من يبادر الى الخطوة الأولى لوضع النادي الأدبي بالمنطقة في المسار الصحيح دون معوقات أو منغصات وانتاج جديد للصراعات غير المجدية.