السعودية تمتلك فرصا إضافية للحفاظ على ربط الريال بالدولار
هل ستتمكن بعض الدول من الاستمرار في اعتمادها على الاحتياطي من العملات لتجنب الهبوط الكبير في قيمة عملاتها، بدا جليا هذا التساؤل في الأسواق العالمية منذ بداية العام الحالي.وأشار تقرير نشرته "فاينانشال تايمز" إلى أن وجود إشارات على ضعف الاقتصاد العالمي، وانهيار أسعار السلع الأساسية دفع موازنات العديد من الدول إلى تسجيل عجز واضح، وسط تكهنات بهبوط كثير من العملات، وتوقع إنهاء الربط الذي طال بين الريال السعودي والدولار.المستثمرون والبنوك المركزيةينقسم المحللون حول المنتصر في المعركة الدائرة حاليا بين المستثمرين والبنوك المركزية، في الوقت الذي يعتقد فيه بعض المحللين أن الاعتماد على الاحتياطيات النقدية لدعم العملات "إستراتيجية غير قابلة للاستمرار طويلا".يقول: "تشارلز سانت أرنو" خبير العملات الأجنبية لدى مؤسسة "نومورا" إن هناك هدفين لاستخدام احتياطيات العملات الأجنبية، الأول يتمثل في استخدامها في أوقات الأزمات من خلال تحسين التدفقات النقدية وضخ السيولة في السوق.بينما يتمثل الهدف الثاني في سد الفجوة بين الأسس الاقتصادية للدولة وموقف عملتها، وهو ما يتوقف على ما تسعى الدولة لمواجهته، مع حقيقة أن استخدام هذه الاحتياطيات يقوض ثقة السوق في الدولة المستخدمة له.وأشار الخبير السابق في صندوق النقد الدولي "أوسميني ماندينج" إلى أن الدول تكون احتياطياتها النقدية في فترات قوتها الاقتصادية، لكنها تتردد في استخدامها في أوقات الحاجة، لعدم الاعتراف أمام الأسواق بأنها في موقف ضعف.وأضاف "ماندينج": أن السؤال هنا يتمثل في كيفية الوصول إلى التوازن في سعر الصرف بطريقة منظمة وغير معلنة، ومن دون السماح للسوق بمعرفة مستوى سعر الصرف المفضل للدولة.انهيار الاحتياطياتاستخدمت الصين التي تمتلك حوالي ثلث احتياطيات العالم نحو 800 مليار دولار من مخزوناتها من العملات الأجنبية خلال الـ 18 شهرا الماضية.كما أجبر الهبوط في أسعار النفط السعودية على استخدام جزء من الاحتياطي أيضًا، لتنخفض بنحو 100 مليار دولار خلال العام الماضي مقارنة بعام 2014، ورفع من التكاليف المستقبلية لربط الريال بالدولار.وأكد الخبير في بنك "باركليز" "أروب تشاترجي" أنه بالنسبة للسعودية فإنه من المهم الحفاظ على معدلات مستقرة لسعر الصرف، مع حقيقة استيراد كثير من السلع، بينما يتطلب الأمر من الصين وقف التدفقات الخارجة لرؤوس الأموال. مشيرا إلى أن الصين تشهد إشكالية تبرز في إنفاق الكثير من احتياطياتها النقدية، مؤكدا أن بكين بحاجة للسماح لسعر الصرف بمساعدتها لتحقيق استقرار الوضع، إلا أن البلاد لا تزال مترددة بشأن هذا الأمر.ويعتقد "جورج سارفلوس" من "دويتشه بنك" أن عصر تراكم احتياطيات الأسواق الناشئة دخل في اتجاه هبوطي واضح، خاصة في الصين، مشيرًا إلى أنه في حال استمرار معدل التراجع بنفس الوتيرة فإن الاحتياطيات العالمية سوف تتراجع إلى 10 تريليونات دولار، منخفضة بنحو 4 تريليونات عن ذروتها في 2015.ويشير الخبير في "كومرتس بنك" "بيتر كينسيلا" إلى أنه رغم امتلاك الصين 3.23 تريليون دولار كاحتياطيات نقدية، فإن بكين بحاجة للاحتفاظ بجزء منها لتلبية احتياجات أخرى مثل الواردات، ما يعني أن الأموال المتاحة للتدخل في سوق الصرف أقل بكثير من الاحتياطي المعلن.هل تتدخل اليابان؟تظهر تساؤلات بين محللي أسواق العملات حول إمكانية تدخل اليابان التي تمتلك 1.3 تريليون دولار في سوق الصرف للمرة الأولى في 5 سنوات، مع فشل قرار خفض الفائدة للنطاق السالب في نهاية الشهر الماضي في وقف صعود الين الذي وصل لأعلى مستوياته في 15 شهرًا.من ناحيته قال خبير العملات في بنك "إتش إس بي سي" "ديفيد بلوم" إن بنك اليابان قد يتدخل بشكل مباشر في سوق الصرف، بشكل يشبه تدخل المركزي السويسري في عام 2011 لوقف ارتفاع الفرنك.وحذر "بلوم" من إمكانية فشل عملية التدخل المحتملة لبنك اليابان في سوق الصرف، مع حقيقة تداول الين بأقل من قيمته الحقيقية، ما يجعل تبرير التدخل "أمرًا صعبًا".توقعات ومخاطريتواصل التساؤل حول مدى استمرار قدرة البنوك المركزية على تحدي المستثمرين المراهنين على انخفاض قيمة العملات، واستخدام احتياطياتها لدعم ربط عملاتها بالدولار.يرى "دانيال تينينجازر" من مؤسسة "آر بي سي كابيتال ماركتس" أن السعودية تمتلك مساحة إضافية للحفاظ على ربط عملاتها بالدولار، مع حقيقة نجاح دول الخليج مثل عمان والبحرين في تجاوز مراحل هبوط النفط سابقا.يعتقد "كينسيلا" أن الأمر قد يكون مختلفا هذه المرة، مع الأسس الضعيفة للاقتصاد والتي قد تهدد بهروب رؤوس الأموال بالرغم من جهود السلطات للحفاظ على نظام سعر الصرف.قال "كيت جاكوس" من بنك "سوستيه جنرال" إن فكرة ربط العملات لا تدوم إلى الأبد، معتبرًا أن الأمر كان ممكنا مع وجود سياسات تسير في اتجاه واحد، بينما الوقت الحالي يشهد تباينًا في السياسات بشكل كبير.