عيسى الجوكم

إمبراطورية الفيفا.. المتعة والتجارة!!

 أكبر إمبراطوريات العالم مالاً ونفوذاً ووجاهة، دون أن يكون للغة السياسة فيها نص ولا وجود، ولا حتى مرور. كانت كذلك.. قبل أن تجرفها الأمواج لبحر الساسة، فتقاذفها الجميع يمنة ويسرة، وأصبحت في دائرة الشبهات، كنتيجة طبيعية للفساد الذي أغرقها، فخضعت أخيراً لموال المساومات في نهر السياسة. أعني بذلك (الفيفا) التي كانت منظمة لم تنزلق يوماً في سيرك التجاذبات في عهد هافيلانج، وحولها بلاتر ومن معه لجحيم المال والاقتصاد، ففقدت بريقها وبراءتها. المسافة ما بين هافيلانج وبلاتر، هي بالضبط ما بين المتعة الكروية والربح المادي، لذا لا غرابة أن تتحول هذه المنظومة للعبة المساومات والمصالح، كما هي المنظومات الدولية الأخرى، التي يفرض فيها القوي سطوته. في السنوات الأربع الماضية لا يمكن فصل الفيفا عن منطق السياسة، ولكنني ألخصها بعبارة «انقلب السحر على الساحر»، وسقط بلاتر ومن معه، بعد أن تفننوا في إبعاد كل من يخلفهم بطريقة السياسة القذرة، وفي مقدمتهم القطري محمد بن همام. واليوم الجمعة تدخل هذه الإمبراطورية عهداً جديداً في انتخابات الفيفا، ولأول مرة تكون للعرب حظوظ قوية بالفوز بعرشها، ليعيدنا التاريخ في ملاحم المنظمات الدولية للمصري الراحل بطرس غالي في مجال السياسة. البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم، أكثر حظاً من الأردني الأمير علي بن حسين؛ لأن ماكينته الانتخابية ضمت اسمين من أكفأ الأسماء في لعبة الانتخابات وهما الإفريقي عيسي حياتو، والآسيوي الشيخ أحمد الفهد، ولا حرج أن نقول إن فلول الحرس القديم للفيفا من بلاتر وبلاتيني هم في نفس الاتجاه داعمين للشيخ البحريني، وكنت أمني النفس كأي إعلامي عربي أن يتنازل أحدهما للأكثر حظاً في هذا النزال الانتخابي؛ لضمان أكبر عدد من الأصوات في لعبة الحصاد التصويتي، ولكن قدر الله وما شاء فعل. نحن في الخليج كنا قاب قوسين أو أدنى من التربع على عرش الفيفا عن طريق بن همام، لولا مؤامرة بلاتر القذرة، لذلك لا نريد أن نخسرها هذه المرة، والفرصة سانحة جداً لتحقيق هذا الحلم. ويبدو أن هذا العقد من الزمان هو رحلة إنجازات لرياضتنا في دول مجلس التعاون، فبعد فوز قطر باستضافة مونديال ٢٠٢٢، جاء الدور لإنجاز آخر بفوز سلمان بن إبراهيم بكرسي الفيفا العملاق. وفي لعبة المنظمات الدولية، أعطت الرياضة الخليجية درساً لنا في السياسة، ومفتاح أمل بأن يكون خليجنا صاحب صوت قوي على كافة المستويات والأصعدة، متى ما كانت كلمتنا موحدة، مستفيدين من مقومات وخيرات هذه البلاد. في الرياضة.. كانت للخليج كلمة قوية في العالم بفوز قطر باستضافة المونديال، واقتراب شخصية رياضية من أبنائها من الفوز بعرش الفيفا، وهذه التجربة يجب تعميمها على كافة الأصعدة، خصوصا وسط المخاطر والتحديات التي تحيط بنا، في لعبة عالمية جديدة، سنتجاوزها بوحدة الكلمة والمواقف، ومجابهة الأعداء، والضرب بقوة على كل عابث. حمى الله خليجنا قيادة وشعباً، وأسبل على منطقتنا الأمن والأمان.