لمى الغلاييني

تخلص من وهم الخنافس

أتوقع أن المعظم منا قد تساءل في وقت ما عن السبب الذي يدفعنا لتكرار الأخطاء ذاتها، وعن سبب تكرار اجتذابنا لنمط معين من الأشخاص والأحداث المعاكسة لرغباتنا، وعن السبب الذي يمنعنا من فهم كل ما سبق.لكنني أشجع على عدم اضاعة الوقت وهدر الطاقة في السعي وراء إجابات لهذه الأسئلة؛ لأن هذا الأسلوب ليس أفضل الطرائق ولا أكثرها فاعلية لتغيير سلوكك الحاضر. فهي مجرد أساطير شخصية تكونت في الماضي، نتاج استجابتنا لها حينها بشكل وقناعات محددة.وبالرغم من اكتشافنا لخداعها لكننا نتمسك بها بكل عناد، فأساطيرنا أقوى من أن تنهزم بسهولة، بحيث نكون على استعداد لفعل أي شيء كي نبرهن على صحتها؛ لأنها تعطينا الوهم بأننا نملك الفهم الصحيح وأن أسطورتنا هي الحقيقة.لقد رأى قدماء المصريين في الخنفسة معنى غامضا ودليلا على الوجود التلقائي، وربطوا تحركاتها مع حركات الشمس، ثم تحولت الى جزء من أسطورتهم كرمز للخلود؛ لأنهم لاحظوا ظاهرة لم يتمكنوا من تفسيرها، فألفوا قصة أعطتهم طريقة تريحهم في الفهم؛ لأن المكون الأساسي للحالة البشرية هو الحاجة للفهم.يسهل على كل من يمتلك أسطورة سلبية مؤثرة أن يقتنع بها بعمق، وأن يعيشها بشكل متقن، وأن يناصرها بكل فصاحة بحيث يتمكن من إقناع الآخرين بتبنيها، ويحتمل أن كل واحد منا يواجه يوميا أسطورة الآخر السلبية المؤثرة، وسواء كنّا مدركين لهذه العملية أم لا فإننا بشكل مستمر نمارس صناعة القرارات التي قد تكرر سيرتنا الذاتية. نحن نكون على شاكلة ما نقنع به أنفسنا، ولأننا بالطبع لا يمكننا تغيير الأمور التي حدثت في الماضي، أو تغيير سيرتنا الذاتية، فالتحول الاقوى يكمن في صياغة سيرة جديدة للمستقبل بتغيير سياق نظرتنا للامور، واكتشاف تفسيرات أرحب للحياة. ابدأ بالتساؤل مع نفسك عما إذا كانت فكرة معينة أو عاطفة ما أو سلوكا ما يفيدك في الوقت الحاضر، ولو كان الجواب نفيا لبعضها، فمهمتك الأهم حاليا في تفكيك هذه القناعات المقيدة والتحرر من البرمجة غير المجدية.لنسمح برحيل كل البرمجات التي استعبدتنا وجعلتنا ضحايا لمدة طويلة ومنعتنا من رؤية هويتنا الحقيقة، والاستمتاع بوفرة الحياة، ولنتوقع مقاومة الناقد السلبي بداخلنا بإثارة مخاوفنا لإبقائنا في منطقة الراحة القديمة، لكننا سنستمر.