الحلّ هو الإحلال
تبذل وزارة العمل بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط الغالي والنفيس لخفض معدلات البطالة بالمملكة والذي تمخّض عنه مبادرات وبرامج عدة وخطط عمل طموحة وإستراتيجيات واعدة، وبالتأكيد هنالك الكثير من تلك الخطط ذات المدى القصير والمتوسط أو المدى الطويل. وما أود الإشارة إليه في مقال هذا الأسبوع هو موضوع قد يندرج تحت الخطط قصيرة الأمد التي تساعد في خفض معدلات البطالة وهو الإحلال. الإحلال لغة هو تعيين شيء بدلاً عن الآخر وفي عالم التوظيف يعني تبديل موظف بآخر إمّا مواطن بأجنبي أو جيل بآخر.وللتأكد من جدوى تلك الخطوة يجب أن تُدعم ببعض الإحصائيات التي تعزّز مدى فعاليتها، حيث أجرت الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة مسحاً بيّن تراجعاً طفيفاً لمعدللات البطالة إلى ١١,٥٪ بنهاية عام ٢٠١٥م وبلغ إجمالي عدد العاطلين عن العمل السعوديين ٦٤٧ ألف شخص أغلبهم من حملة الشهادة الثانوية والجامعية، بينما على صعيد آخر تجاوز عدد العاملين الأجانب فقط في القطاع الخاص ٨,٥ مليون شخص، ولا يمكننا بالتأكيد التعويل كثيراً على وظائف غير السعوديين لأن ٧٠٪ من تلك الوظائف يشغلها غير متعلمين وأغلبهم أميّون ويعملون في وظائف متدنية أو حرفية لن يعمل بها السعوديون العاطلون عن العمل على الأقل في المدى القريب، ولكن بإمكاننا استهداف الـ٣٠٪ من الوظائف المتبقية والتي يشغلها الأجانب والبالغ عددها ٢,٥ مليون وظيفة والتي تتقارب مؤهلات شاغليها مع مؤهلات السعوديين العاطلين عن العمل التي ذكرناها.وإذا ما قارنا عدد السعوديين العاطلين عن العمل بعدد الوظائف التي يشغلها الأجانب بمؤهلات يستطيع السعوديون العاطلون شغلها لوجدنا أنها ٦٤٧ ألف عاطل/عاطلة سعوديين مقابل ٢.٥ مليون وظيفة يشغلها أجانب بما نسبته ٢٥٪ فقط من وظائف الأجانب المؤهلين وليس جلّهم. نظريًا من السهل أن نتخّيل نجاح هذا الأمر، لكن عملياً فهو تحدٍ كبير يرتبط نجاحه بالتحقق من ٣ أمور:التكلفة: وهي أن تتقارب تكلفة العاطلين عن العمل السعوديين مع الموظفين الأجانب من ذوي نفس المؤهلات التي ذكرناها لأن هذا أكثر ما يؤرق رجال وسيدات الأعمال، وهذا ما عملت وتعمل عليه وزارة العمل من خلال رفع تكلفة الموظفين الأجانب عبر زيادة الرسوم الحكومية ودعم توظيف السعوديين عبر صندوق تنمية الموارد البشرية، ولكن إلى الآن ما زال هذا الأمر يتطور وينمو ولكن بشكل عاطفي وليس عمليا لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار مستوى إنتاجية وتأهيل وانضباطية العامل السعودي مقارنة بالأجنبي.التدريب والتطوير: وهو تهيئة العاطلين السعودين عملياً لشغل وظائف غير السعوديين من خلال برامج تدريب وتطوير موجهه تركّز على مبدأ نقل المعرفة لتحضير البديل أو ما يعرف بالـ (Successor).الانضباطية: وتعني العمل الجاد على زيادة مستوى انضباطية ووعي العاطلين عن العمل السعوديين ليقتربوا من مستوى انضباطية ووعي الموظفين الأجانب، ولكن قد يحتاج هذا الأمر لوقت أطول أكثر من الأمرين السابقين واللذين يرتبط نجاحهما بالدعم المادي أكثر من أي شيء آخر.الخلاصة: يوميا يحوّل الأجانب ٤٣٦ مليون ريال... تخيّل كم يمكن أن نوفر منها!