محمد الشريف - القاهرة

عالم أزهري: نحتاج لتجديد فهمنا للإسلام للتعامل مع المشكلات الراهنة

أكد المفكر الاسلامي الدكتور عمر مختار القاضي استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر وعضو الأمانة العامة لرابطة الجامعات الاسلامية، أن المسلمين محتاجون الى تجديد الفهم للاسلام وفقه الواقع للتعامل مع المشكلات الراهنة. وقال د. القاضي إننا نحتاج الى فقه جديد للواقع يمكننا من أن نعيش في هذه العصور الحديثة أعضاء عاملين فيها دون أن نفقد أصالتنا ونتخلى عن ديننا وقيمنا. وأضاف ان التحالف الإسلامي العسكري الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) خطوة مهمة لإرساء دعائم السلام في العالم الاسلامي وآلية قوية لمواجهة الارهاب الذي يتستر خلف رداء الاسلام. وأعرب الدكتور القاضي في حديث خاص لـ"اليوم" عن أمله في نجاح جهود هذا التحالف في دحر الإرهاب وتخليص العالم من شروره. وأضاف ان الأمتين العربية والإسلامية في حاجة ماسة إلى تكاتف وتوحيد الجهود لحماية الشباب من السقوط في شِبَاك التيارات الفكرية المنحرفة والمتطرفة والأفكار الطائفية التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة وفي الحديث التالي نتعرف على المزيد من آرائه فإلى التفاصيل:فقه الواقع▪ يرى كثير من العلماء والمفكرين أن حالة التردي التي يعيشها كثير من المسلمين مرجعها الى التقليد والجمود وعدم أخذ زمام المبادرة للتجديد والاجتهاد، فما تعليقك؟ نعم أتفق معك في ان حالة الجمود والتخلف التي يعيشها كثير من المسلمين والتي تشوه صورتهم في اذهان العالم وتظهرهم بانهم يعيشون عالة على الآخرين ولا يسهمون في صنع الحضارة وانهم عدوانيون وارهابيون... ليؤكد الحاجة الماسة لخطاب ديني جديد، أي لفقه جديد قادر على مواجهة هذه الازمة، ذلك لان تجمد الخطاب الديني السائد جعلنا في موقف خصومة مع العالم، مما يبرر للقوى الاستعمارية والعنصرية في اوروبا واسرائيل وامريكا ان تعلن علينا الحرب وتستخدم ما يباح وما لا يباح، إننا نحتاج الى فقه جديد للواقع يمكننا من أن نعيش في هذه العصور الحديثة أعضاء عاملين فيها نتمثل مبادئها ونؤمن بها ونلتزمها ونسهم في حضارتها ونتخلص من الشعور الراسخ في أعماقنا بان هذه العصور ليست عصورنا وأن حضارتها ليست حضارتنا، واننا مضطهدون، وأننا أمام خيارين كلاهما قاس عنيف، إما ان نلحق بها فنفقد أصالتنا ونتخلى عن ديننا وقيمنا ونخسر أنفسنا فنخرج من العصور الحديثة أو نظل فيها غرباء مضطهدين لا نفهم لغتها ولا نخالط أهلها.عدو مشترك▪ العالم كله يواجه الآن عدوا مشتركا وهو الارهاب، وبالرغم من ذلك فان أساليب المواجهة تختلف بين العالم العربي والاسلامي من ناحية والعالم الآخر من ناحية أخرى، ما تعليقك؟الارهاب آفة خطيرة ومرتكبو هذه الاعمال هم أناس تجردوا من كل القيم الانسانية، وهم ليسوا أسوياء، والخطير في الأمر عندما تقع عمليات إرهابية ويروح ضحيتها الكثير من الأبرياء وتتم تحت شعارات دينية، على الرغم من أن الإسلام ينبذ تلك الأعمال الإجرامية ويعتبر مرتكبيها من المفسدين في الأرض ويجب معاقبتهم وردعهم بالقانون. والارهاب أصبح جريمة عابرة للحدود وليس له دين كما يوجد بين المسلمين متطرفون يوجد في العالم المسيحي متطرفون وارهابيون، وبالرغم من هذا فان المسلمين لا يحمّلون المسيحية أو اليهودية وزر الأعمال التي يرتكبها بعض منتسبيها باسم هذه الشرائع السماوية، ورغم ذلك يصر البعض أن ينسب أفعال فئة قليلة من المسلمين إلى الدين الإسلامي الذي ينبذ العنف والتطرف، وبالرغم من ذلك فان الدول والمؤسسات الإسلامية وفي مقدمتها الأزهر تحرص أن تكون أول من يدين أي عمل إرهابي يقع في أي مكان على وجه الارض قبل معرفة أسبابه وهوية مرتكبيه، لأن الإرهاب هو الإرهاب بغض النظر عن أي خلفيات أو أسباب تقف وراءه، ومن المؤسف أن تنسب هذه الجرائم ظلما وافتراء إلى دين الإسلام وشريعته السمحة، وهو ما يدل على جهل شديد بالدين الإسلامي، دين السلام والرحمة التي أرسل الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم- إلى الناس كافة، وبالتالي بدلا من أن يتوحد العالم كله لمواجهة الارهاب العدو مشترك نجد أن الغرب يوجه تهمة الارهاب للاسلام والمسلمين، في حين ان الاسلام جاء بعقوبات مشددة لاجتثاث الارهاب من جذوره وعلى رأسها حد الحرابة.انحراف فكري▪ من وجهة نظرك ما أسباب تنامي جماعات الارهاب التي تتستر برداء الإسلام؟-الجماعات المتطرفة على رأسها "داعش"، تقوم باستغلال النصوص الدينية من القرآن الكريم والسنة لتبرير أفعالهم الإجرامية، لأنهم غير مؤهلين لتفسير تلك النصوص، بسبب ما أصابهم من انحراف وتطرف فكري بل يلوون عنقها ويسخرونها لتحقيق مصالحهم السياسية. أيضا ان من أهم أسباب ظهور "الانحراف الفكري" لدى هذه التنظيمات الارهابية هو أن هؤلاء المتطرفين يختزلون العلم في الأدلة دون فهم صحيح لها، ويتعاملون مع النصوص بمعزل عن فهم المنهج، ويلحقون بالوحي ما يجر الناس إلي الالتباس في فهم دلالات الوحي وإدراك معانيه، هذا بالاضافة الى أن هناك بعض الأنظمة تستغل مناطق التوترات العرقية والطائفية لتحقيق أطماعها ومصالحها الشخصية وتسعى لتغذية تلك الصراعات، هذا فضلا عن اسلوب التعامل مع قضية التطرف والارهاب بعد احداث 11 سبتمبر 2011 وتفجيرات برجي التجارة العالمية بالولايات المتحدة الامريكية، وما أعقب ذلك من تدمير في افغانستان وقتل الآلاف من الأبرياء والغزو الامريكي للعراق... زاد رقعة الإرهاب وظهرت جماعات أكثر تطرفا لدرجة جعلت الجماعات التي كانت تتبنى العنف قبل هذه الأحداث حملا وديعا مقارنة بالجماعات التي أنتجتها هذه المعالجات الخاطئة.▪ لكن الغرب يتهم العالم الاسلامي بتصدير الإرهاب إليه هذا الكلام مجاف للحقيقة فالعالم الإسلامي لا يصدر الإرهاب الى الغرب بل على العكس يتم تصدير الإرهاب إليه من أعدائه، فالدين الاسلامي يرفض العنف والإرهاب وجعل عقوبته أشد عقوبة شرعها، فهي الجريمة الوحيدة التي يعاقب من يرتكبها بحد الحرابة وبالتالي فمن الذي يصنع الإرهاب؟، فالذي يصنعه هو الذي لن يتمكن من السيطرة عليه، ولن يكون أحد في مأمن من شره.التحالف الإسلامي العسكري▪ ما رأيك في التحالف الإسلامي العسكري الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز واستجابت له كثير من الدول الإسلامية والعربيةلمواجهة الارهاب؟ نعم التحالف الإسلامي العسكري الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واستجابت له كثير من الدول الإسلامية والعربية، وفي مقدمتها: مصر، وقد لقي هذا التحالف المبارك ترحيبا واسعا من علماء الامة الاسلامية جمعاء والأزهر الشريف بصفة خاصة، وتمنى طلابه وعلماؤه أن يكون هذا التحالف نواة لوحدة حقيقية بين شعوب الأمة العربية والإسلامية في الظرف الدقيق والبالغ الحرج في تاريخ الأمتين العربية والاسلامية وان يكون خطوة مهمة لإرساء دعائم السلام في العالم. كما ان قيام هذا التحالف يعد نقطة تحول حقيقية في تاريخ الأمة الإسلامية التي عانت كثيرا من هذا الوباء الخبيث والقضاء علىه واجتثاثه من جذوره، وإرساء دعائم السلام ليس فقط في المجتمعات الإسلامية بل في العالم أجمع.▪ كلمة أخيرة ولمن تقولها؟كلمتي الاخيرة الى الأمتين العربية والإسلامية ادعوهم فيها الى التكاتف وتوحيد الجهود لحماية الشباب من السقوط في شِبَاك التيارات الفكرية المنحرفة والمتطرفة والأفكار الطائفية التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة.