تذكر معلم الفصل
اللباقة في النصيحة هي فن الاستيلاء على القلوب بمهارة يفتقدها الكثير، فبعض الناس يزلزلون قلوب الآخرين من فظاظة نصحهم، أما أذكياء التواصل فهم يقدمون نفس المحتوى مع بعث مشاعر السكينة في نفوس مستمعيهم. يعود ذلك بشكل إلى براعة الذكاء اللغوي لديهم، فاللغة أداة ساحرة نستخدمها لنكشف ما نريد، ونستعين بها لنخفي ما نريد، فهي كالملابس تستر أفكارا ومشاعر وتبرز أخرى، وقد يكون السبب الحقيقي لاختراع الإنسان للغة حتى يوضح ويبطن ما يشاء .تعجبني استراتيجية للنقد البناء يوردها بعض خبراء الاتصال في كتبهم تسمى feed back sandwich أو سندويتش التغذية الراجعة، فإذا شعرت بأنك تود توجيه أي نقد لشخص ما فركز بداية على الثناء عليه في محاسنه، ثم اذكر نقدك بحكمة وبتهذيب، واحرص على أن تنهي محادثتك بتأكيد رأيك الإيجابي في شخص محدثك، مثل ساندويتش الجبنة المحاطة بقطعتي خبز من الجهتين.هناك أسطورة مفادها أن الحقيقة جاءت إلى الناس عارية فهربوا منها، فعادت مرتدية بعض الثياب الملونة فأقبلوا عليها، فالناس لا يحبون الحقيقة عارية، ومهما طلب منك أحدهم أن تصارحه بعيوبه فهو يقصد حقيقة أن تسمعه مناقبه، وحتى إذا أخبرك صديقك بأنه صريح ويحب الصراحة فلا تصدقه وحاول وستفاجئك استجابته. النوايا الطيبة لا تكفي وحدها، فالمشاعر النبيلة تحتاج لأدوات ذكية تترجمها، فلا أحد يطلع على نواياك الداخلية لكنهم يسمعون كلماتك الخارجية، ولهذا ففي كل مرة تبادر بتوجيه نقد إلى من حولك تذكر معلم الفصل الذي كان يملأ دفترك بملاحظاته الصارخة وقلمه الأحمر، واستحضر مشاعرك المستفزة بداخلك نحوه في ذلك الوقت مع أنه كان يقصد دفعك إلى مستويات اجتهاد أعلى ودرجات أفضل.اسأل نفسك داخليا قبل أي نقد:هل الوقت مناسب الآن؟ هل أسلوبي ذكي؟هل أنا الشخص الأنسب لتوجيه الملاحظة؟ما الدوافع المحركة لي؟هل هدفي الإدانة أم التوجيه؟وإذا لم تسعفك إجابة مقنعة للأسئلة السابقة فقم بتأجيل النقد لوقت آخر.