زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر ستعيد صيغة علاقات البلدين على أسس تكاملية
تربط المملكة علاقات واسعة النطاق مع مصر، وتتميز العلاقات بين الرياض والقاهرة بالقوة والمتانة والصلابة ووحدة الهدف، كما أن لدى الدولتين إدراكا ووعيا كاملا بحجم المخاطر والتحديات التي تحيط المنطقة، وهما يعملان بجد على إزاحة تراكمات عبث عصفت بعدد من الدول العربية التي انهارت فيها الدولة مثل: «ليبيا، وسوريا، والعراق، واليمن، ولبنان».وبعد إعصار الخريف العربي الذي استهدف زعزعة الاستقرار، وايجاد الفوضى بغرض تفتيت وبلقنة الدول العربية التقليدية لصالح المشروع الغربي المُمالئ لإسرائيل وإيران، هذا المشروع الذي يرمي إلى ايجاد دول طائفية صغيرة هشة من خلال توفير بيئة حاضنة للفكر المتطرف، والتنظيمات الإرهابية، وهو ما شكل تهديدا حقيقيا للدول العربية سياسيا واقتصاديا، واجتماعيا وفكريا.وتحدث خلال "ندوة اليوم" مجموعة من الكُتاب والمختصين بالشأن السعودي المصري، عن عدة نواح تربط البلدين، منها: الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها، إذ قالوا: إن العلاقات المصرية السعودية الاقتصادية، بدأت منذ عام 1956، بمبلغ 100 مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، كما بلغ التلاحم في 1973 خلال حرب أكتوبر في عهد المرحوم - بإذن الله - الملك فيصل بن عبدالعزيز، باستخدام النفط، ودعم غير محدود لمصر.وبينوا أن السعودية ومصر، هما جناحا الأمة العربية، وعنصرا تميزها، وعلى الدولتين الشقيقتين التي تكسرت على نصالهما عبر التاريخ كل محاولات الهيمنة والاستعمار والتغريب، المضي قدما إلى مزيد من التلاحم، وبناء جدار من التعاون الدائم الذي يراعي مصالح الشعبين، وينطلق من أسس قيمية ودينية واجتماعية واحدة، فالشعب العربي الواحد في كل من السعودية ومصر تحكمه نفس العادات والتقاليد العربية الأصيلة.وأشاروا إلى أن السعودية ومصر تدركان أن مستقبل الشعبين في التكاتف والتكامل وتعزيز الثقة، كما تدرك الدولتان أن الخطر عليهما مصدره ومكمنه واحد، سواء جاء من الشرق أو من الغرب، فالعدو واحد، ويريد أن يستجمع قواه ويتحالف مع إيران التي تكن العداء صراحة للسعودية ومصر، ولا تخفي أهدافها الفارسية الصفوية المعلنة، وإن تسترت بشعارات دينية خادعة وكاذبة.وتطرقوا إلى أن التحالف السعودي المصري واضح، وأبلى بلاء حسنا في إعادة الشرعية في اليمن، كما أن تحالف الدولتين الكبيرتين يشكل العصب الرئيس للتحالف الإسلامي الكبير في مكافحة الارهاب. وقد عكست الصورة الباسمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بجوار أخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، حجم المحبة والتعاون والتآخي بين الدولتين.وذكروا أن تلك الصورة التي جمعت الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس عبدالفتاح السيسي، زلزلت معاقل الشر وقصور التآمر في الشرق القريب والغرب البعيد، منوهين بأن هذه الصورة ألجمت ملالي إيران، وزعماء الإرهاب وأوباما وواشنطن، وقضت على غطرسة إسرائيل، فجميعهم يتمترسون في خندق واحد يستهدف الأمة العربية، وهذه الأمة حاليا عنوانها السعودية ومصر.العلاقات الاقتصاديةمن جهته، بين الدكتور عبدالله باعشن، الخبير والمستشار المالي، أن العلاقات السعودية المصرية الاقتصادية تتمحور في عدة مجالات، منها: حزمة مساعدات بدأت عام 2011 بلغت 4 مليارات دولار، تضمنت وديعة بمليار دولار، وسندات بقيمة 500 مليون دولار لدعم الاقتصاد المصري، وتمويل عجز الموازنة، واستمرت في الأعوام التالية مبالغ تجاوزت 7 مليارات دولار.وأضاف الدكتور باعشن: "لم يقتصر الاكتفاء على الدعم المتعارف عليه فقط بين الدول والمنظمات الدولية، بل انتقل إلى التميز في المشاركة في القيمة المضافة والإنتاجية امتدادا للترابط العربي والديني، ومشاركة في العمق العربي وحمايته، كذلك المصير المشترك. فقد شاركت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في توجه مصر اقتصاديا، لما يتوافر من مقومات بشرية، وموقع متميز في منظومة الربط الكهربائي بين البلدين".واستطرد بقوله: إن ذلك جاء لاستغلال الطاقة بين البلدين، وتخفيف الضغط على الإمكانات المتاحة، ورفع التبادل التجاري بينهما إلى 1.21 مليار، كما كان نصيب الميزان التجاري لصالح المملكة وتمثل في عنصر جوهري لعملية التبادل التجاري للطاقة النفطية، وتجاوزت الاستثمارات السعودية قرابة 4 آلاف مشروع، توزعت على المشاريع الخدمية والسياحية والإنشاءات والعقار.نمو الاقتصاد المصري في السوق السعوديةأيضا قال الدكتور باعشن: إن الاستثمار المصري في السوق السعودي نما إلى ما يقارب 302 مشروع، ممثلة في مشاريع متوسطة وصغيرة منذ بدء هيئة الاستثمار، وما يتميز به الاقتصاد السعودي من نمو وقوة العملة، وميزة الاعفاءات جعلت من المملكة ملاذا آمنا لتوجه الاستثمارات العربية والأجنبية، كما أن السوق السعودي واقتصاده فيه العديد من فرص العمل للعمالة العربية المصرية.وعاد ليؤكد أن هذه الفرص تتميز بتقارب بين الشعبين، وصلة الرحم، وتشارك هذه العمالة في مفاصل اقتصادية مهمة في الطب والتعليم والانشاءات، وتوفر عملة صعبة للاقتصاد العربي المصري لتخفيف اختناقاته المالية، حيث شاركت الحكومتان في دعم العلاقات الاقتصادية، ويحل الاهتمام مشاكل المستثمرين السعوديين، إذ قدمت الحكومة السعودية دعما للصناديق السيادية في مساهمة بالمشاريع الاستراتيجية لدعم الاقتصاد المصري.وأبان الدكتور باعشن، أن توجهات فخامة الريس السيسي في التلاحم المصري السعودي لتتزامن مع النظرة المستقبلية للمشاريع، مثل: قناة السويس، إذ يتطلع الشعبان إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أرض الكنانة، وأن تنمو هذه العلاقات وتتم رعايتها، إضافة إلى متابعة أي تحديات أو معوقات قد تواجهها.حجم التبادل التجاريمن جهته، بين صبحي شبانة - كاتب صحفي مصري - أن حجم التبادل التجاري الحالي بين السعودية ومصر ينمو بشكل مضاعف عما كان عليه قبل 30 يونيو 2013، ومتوقع له الزيادة الكبيرة في ظل اتفاقيات المجلس التنسيقي بين البلدين التي سيتم التوقيع عليها في اجتماع المجلس السادس بالقاهرة أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر في الأسبوع الأول من شهر إبريل.وقال شبانة: إن العلاقات الاقتصادية السعودية المصرية، تتم هندستها وصياغتها حاليا على أسس تكاملية تخدم الشعبين، وتعزز العلاقات الاستراتيجية في كافة المجالات، وهي خطوة ممتازة للربط بين مصالح وأهداف السياسة العامة للدولتين التي تحتمها وقائع الجغرافيا وحقائق التاريخ والمصير الواحد والدين الواحد، كما أن من شأن تطوير العلاقات الاقتصادية بين الدولتين بمشروعات مشتركة كبرى أن يضع السوقين المصري والسعودي بما يمتازا به من عناصر قوة وجذب استثنائية على الطريق الصحيح الذي يحقق مصالح الدولتين والشعبين.وأضاف: "مشروع الربط الكهربائي بين الدولتين خير دليل على هذا التعاون المثمر، الذي يصب - بالقطع - في مصلحة الشعبين، كما أن التوجه السعودي لتنشيط الاستثمارات في مصر من شأنه أن يحقق الاستقرار في مصر، ويقضي على الارهاب في سيناء، الذي يمكنه - لو استفحل - تهديد المنطقة العربية بأسرها. فالصروح والقلاع الاقتصادية السعودية في مصر، التي يتم الاتفاق حاليا على انشائها تؤسس بالضرورة لعهد جديد يتسم بوحدة المصلحة والهدف والتعاون البناء على أسس اقتصادية عصرية تعضض علاقات الإخوة والعروبة والإسلام".التكامل الاقتصادي المصريوعرج الكاتب شبانة، الى أن التكامل الاقتصادي المصري الذي يجري ترسيمه والتأسيس له، سيحول الدولتين إلى سوق اقتصادية كبرى، لما يمتلكه البلدان من عناصر للقوة، مثل: العنصر البشري والكفاءات والخبرات التي تغطي كافة المجالات، كذلك القوة الشرائية الهائلة التي يتجاوز تعدادها 90 مليونا، والمناخ المعتدل صيفا وشتاء، وقناة السويس، وكثرة الموانئ والطرق.وذكر أنه إضافة إلى الفرص الاستثمارية المتوافرة، تعد كل هذه العناصر وأكثر متوافرة في مصر، كما أن مصر تعتبر أيضا الجسر الذي يربط بين قارات أفريقيا وأوروبا وآسيا، وتربط أيضا بين شرق العالم العربي وغربه، اضافة الى التدفقات المالية الضخمة، وقوة التأثير السياسي والاقتصادي التي تمتلكها المملكة باعتبارها إحدى الدول التي تكون منظومة دول العشرين، وتمتلك أكبر اقتصاديات العالم.وزاد بقوله: "تعتبر السعودية أكبر دولة منتجة ومصدرة، وتحتكم على أكبر مخزون نفطي في العالم، فكل هذه العناصر تجعل من الدولتين مرتكزا لنهضة عربية حقيقية تؤسس لعصر جديد يعود فيه العالم العربي والإسلامي لقيادة الحضارة العالمية من خلال منظومة القيم الإسلامية التي تنطلق من مبادئ العدالة والحرية والتسامح، بعدما عانى العالم لقرون من الحروب، والاستغلال، والاستعمار، والعنصرية، والاستعلاء".الاستثمارات السعودية المصريةفيما أشار الدكتور عبدالله بن أحمد المغلوث، عضو مجلس الأعمال السعودي المصري، الى أن حجم الاستثمارات السعودية في مصر يقدر بـ «23» مليار دولار، والمملكة الأولى عربيا من حيث حجم الاستثمار في مصر. وتتنوع هذه الاستثمارات في القطاع الصناعي والصناعة الغذائية في المقدمة. ويحتل القطاع الإنشائي المرتبة الثانية، وتأتي الاستثمارات السياحية في المرتبة الثالثة، بينما يحل القطاع الزراعي في المرتبة الرابعة، وهناك استثمارات في القطاع الخدمي وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المرتبة الأخيرة، وتأتي القاهرة في المرتبة الأولى من حيث المحافظات التي تتواجد فيها الاستثمارات السعودية.وبين الدكتور المغلوث، أن حزمة المساعدات (التسهيلات) التي أقرها مجلس الأعمال السعودي المصري التنسيقي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بمبلغ 30 مليار ريال من ضمنها بيع المشتقات النفطية لجمهورية مصر، على أن تكون هناك تسهيلات في الدفع، إضافة إلى صندوق التنمية لبناء مشاريع في مصر وغيرها من حزمة استثمارات سعودية في مصر.وذكر الدكتور المغلوث، أن حجم الاستثمارات المصرية في المملكة بلغ 4.1 مليار ريال سعودي، تتضمن 262 مشروعا صناعياً، و781 مشروعا غير صناعي، مع العلم بأن هناك شركات مصرية تعتزم استثمار مليار ريال في القطاع السكني المحلي السعودي، مبينا أن ذلك من شأنه أن ينعكس على وجود مستثمرين سعوديين من رجال الأعمال بالاستثمار بمليارات الريالات في بعض مدن ومحافظات مصر.الكفاءات المصرية في السعوديةوحول عدد العاملين من جمهورية مصر في السعودية، أوضح الدكتور المغلوث، أن العاملين من الجالية المصرية في المملكة تقدر عددهم بأكثر من مليوني مصري، يعملون بمهن مختلفة في مجالات: الإنشاء والهندسة والطب والصناعة والمجال الأكاديمي، ولهم أثر إيجابي في السوق السعودي، بل تعد تحويلاتهم إلى بلدهم بالمليارات من الدولارات، وتلك المبالغ تلعب دورا في انتعاش الحركة الاجتماعية من خلال بناء الأسر وانشاء المساكن لهم، بل تعمل حراكا اقتصاديا في كافة المجالات بمصر. مشروع الربط الكهربائيوقال عضو مجلس الأعمال السعودي المصري: هناك مشروع ربط كهربائي بين السعودية ومصر، وهذا سيستفاد منه في الطاقة الكهربائية بين البلدين، ويوفر فرص عمل، كذلك هناك دراسة لم تنته بعد حول إنشاء الجسر البحري الذي يربط بين الدولتين، وهذا يقوي العلاقات بينهما. ويسعى رجال الأعمال السعوديون مع إخوانهم المصريين إلى تعزيز التبادل التجاري من خلال عمل جسور جوية وبحرية أكثر مما هي عليه حاليا.وأضاف: "إن حجم التبادل بين المملكة ومصر يعادل 40% من إجمالي حجم التبادل بين الدول العربية، كما أن زيارة خادم الحرمين الشريفين ستوطد العلاقات وتفتح فرصا، إضافة إلى الدور الهام الذي تلعبه المملكة في سبيل عودة التضامن العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، بجدية لمواجهة الأزمات التي تعصف بالدول العربية وخطر الإرهاب ومن أجل الأمن العربي".تميز العلاقات السعودية المصريةإلى ذلك قال الدكتور فهد بن جمعة، نائب رئيس لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى: إن العلاقات بين الرياض والقاهرة، تعتبر وثيقة بين أكبر بلدين عربيين على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ما يوفر ميزة نسبية في إطار تلك المستويات. فهناك تفهم لأثر الاستقرار السياسي المصري على أدائه الاقتصادي بتوفير بيئة اقتصادية مستقرة وآمنة، وكذلك هناك تفهم بأن الدعم السعودي للاقتصاد المصري بزيادة الاستثمارات السعودية وتعزيز التبادل التجاري بينهما سينعكس ايجابيا على مستقبل الاقتصاد المصري، وأيضا على نمو الصادرات السعودية إلى مصر.نمو التبادل التجاريوذكر الدكتور ابن جمعة، أن التبادل التجاري بين السعودية ومصر شهد نموا ملحوظا منذ 1991، حيث نما حجم التبادل التجاري بينهما بنسبة 532% بمقارنة 1991 بعام 2014 - حسب الهيئة العامة للإحصاء - بينما نمت الصادرات السعودية إلى مصر بنسبة 371%، ووارداتها المصرية بنسبة 1427%، مبينا أنه منذ عام 2005 يعتبر نمو الصادرات والواردات شبه ثابت عند 1.2%، ما يتيح فرصة تعزيز تلك العلاقة من أجل زيادة نمو التبادل التجاري بينهما.مستقبل العلاقات الاقتصاديةوحول مستقبل العلاقات الاقتصادية في ظل المشاريع المشتركة بين البلدين، قال الدكتور ابن جمعة: هناك فرص متعددة لتعزيز الاستثمارات في مشاريع مشتركة جديدة بين البلدين، كما أن لدى الاقتصاد السعودي السيولة النقدية الفائضة، بينما الاقتصاد المصري لديه طاقة استهلاكية كبيرة لتمتعه بكثافة سكانية كبيرة، إضافة إلى أن مصر تعتبر بلدا سياحيا كبيرا، ما يتيح المزيد من الفرص الاستثمارية في قطاع السياحة الذي تتدفق إليه نسبة كبيرة من السياح السعوديين. التسهيلات الاستثماريةوعن أبرز التسهيلات الاستثمارية التي تقدمها مصر للمملكة، قال: "دعني أوضح لك نقطة، وهي أن قوانين الاستثمار لابد أن تكون موحدة لأي مستثمر أجنبي، لكن في جانب المستثمر السعودي يوجد لدينا ما يطلق عليه (المسار الخاص)، وهي خصوصيته في تعامل القيادة السياسية بداية من رئيس مجلس الوزراء، ولدينا أيضا فكرة ما يمسى (الشباك الموحد) لأي مشروع استثماري بين البلدين". وأضاف عضو مجلس الشورى: "هناك الكثير من الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر خاصة في مجال السياحة والمنتجات الزراعية، وعلينا أن نستثمر في تلك القطاعات ذات الكثافة العمالية التي يكون لها عائد اقتصادي على الاقتصاد السعودي من خلال تدفق المزيد من رؤوس الأموال المستثمرة خارجيا، والاستفادة من الميزة النسبية لأجور ووفرة العمالة".العلاقات الاقتصادية والتجاريةفيما قال الإعلامي أيمن الشريف: إن العلاقات المصرية السعودية من الناحية الاقتصادية تضاعفت على الصعيدين الاقتصادي والتجاري عدة مرات خلال الفترة الأخيرة، التي تعكس بدورها مستوى رفيعا من الصداقة بين البلدين، يتجلى في تدشين العديد من المشاريع اللوجستية.وأضاف: "تتمثل في مجالات الطاقة والربط الكهربائي والنقل، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين، والعمل على جعلها محورا رئيسا في حركة التجارة العالمية، خلاف الدعم المالي والاقتصادي لمصر في فترات الأزمات والمشاركة السعودية خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، ودعمها بمبلغ 4 مليارات دولار للاقتصاد المصري".وفيما يخص ميزة العلاقات السعودية المصرية، قال الشريف: "تمتاز العلاقات بين البلدين ببعد تاريخي، فمنذ توقيع معاهدة الصداقة بين المملكة العربية السعودية ومصر عام 1926م، والعلاقات في تطور مستمر، وترسخت بزيارة الملك عبدالعزيز التاريخية لمصر عام 1946م، التي تعتبر الزيارة الوحيدة له خارج المملكة.ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات تتسم بالتشابه في التوجهات بين البلدين، ما أدى إلى التقارب في وجهات النظر ازاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية، وهذا يبرر المتانة والاستمرارية للعلاقات على جميع الأصعدة، ومصر والسعودية يعتبران صمام الأمان لجمع الدول العربية، وهما أيضا الروح والقلب في جسد واحد للوطن العربي. ميزان التجارة السعودية المصريةوذكر الشريف، أن ميزان التجارة السعودية المصرية سجل عام 2015 فائضا في الصادرات السعودية بلغ قدره 716 مليون دولار، امتدادا للفائض المستمر خلال السنوات الماضية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 3.7 مليار دولار. وتقدر الصادرات المصرية للمملكة بنحو 1.5 مليار دولار، في حين بلغت الواردات المصرية من المملكة نحو 2.2 مليار دولار أغلبها من المنتجات البترولية والبتروكيماويات.وتحتل السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة في مصر، ويبلغ استثمارات القطاع السعودي الخاص في مصر حاليا نحو 27 مليار دولار، مقسمة إلى 12 مليار دولار استثمارات عبر هيئة الاستثمار المصرية، وثمانية مليارات دولار استثمارات مواطنين سعوديين في مصر من خلال تملك أراض ووحدات سكنية وأراض زراعية.مستقبل العلاقات بين البلدينوقال الشريف: إن "السعودية قدمت دعما كبيرا لمصر، خاصة بعد ثورة 30/6، وتطور الدعم الذي كان سياسيا في البداية إلى دعم مادي، من مساعدات مالية وتمويل لصفقات استراتيجية. وتبنت الرياض النظام المصري الجديد، وقدمت له كل التسهيلات، ويتضح ذلك من خلال حجم المشاريع والاتفاقيات الثنائية المستقبلية، على المستوى: الاقتصادي والسياسي والعسكري.واستطرد بقوله: "الاستثمارات الأخيرة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين كلها حكومية عبر الصناديق السيادية، ومن المتوقع ألا تزيد مدة تنفيذها على 3 سنوات، وأن توجه للبنية الأساسية إلى جانب بعض المشروعات التي أعلن عنها في مؤتمر شرم الشيخ، سواء لوجستية أو صناعية أو تجارية، فالقاهرة والرياض حريصتان على نمو العلاقات الإيجابية بين البلدين وتنميتها.وأضاف : إن إنشاء مجلس التنسيق المصري السعودي من شأنه أن يعزز أواصر التعاون في جميع المجالات، وهو خطوة كبيرة جدا تم زرع نواتها اثناء حضور ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، خلال زيارة لمصر بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. تسهيلات الحكومة السعودية لمصروفيما يخص التسهيلات بين الشريف، أن المملكة قدمت في الفترة الأخيرة تسهيلات عينية لمصر بـ «3.2» مليار دولار على هيئة قروض ومنح لمساعدة اقتصادها، إضافة إلى المساهمة في توفير احتياجات مصر من المواد البترولية خلال الـ «5» سنوات المقبلة، ودعم قناة السويس من خلال العمل على زيادة الناقلات السعودية من خلالها.ومن الجانب المصري، عدلت مصر قانون الاستثمار لتقصر حق الطعن على العقود الاستثمارية للحكومة والمستثمر، وأجرت مصر العديد من التعديلات على قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وقانون المزايدات والمناقصات، واعتمدت قرارات لفض المنازعات.استثمارات السعودية في مصروتطرق حسين حتاتة - خبير سياحي مصري - إلى أن العلاقات المصرية السعودية تعتبر ركيزة أساسية في دعم أمن الأمتين العربية والإسلامية، فاستثمارات السعودية في مصر دائما تأتي في المرتبة الأولى بكافة المجالات، مبينا أن المصريين منذ نشأت المملكة وهم سعداء بمشاركاتهم إخوانهم السعوديين في نهضة المملكة، ويوجد في مصر حوالي 800 ألف سعودي يقيمون في مصر اقامة دائمة.وبين حتاتة، أن حجم السياحة السعودية لمصر مازال يحتاج إلى عمل أكثر من الجانبين، مع ضرورة الاستفادة من البحر الأحمر الذي يمثل شريان الحياة الذي يربط بين البلدين، والاسراع في عمل الجسر الذي يربط بينهما، وخطوط طيران مباشرة للغردقة، تلك المدينة القريبة جدا من المملكة، فمصر لاتزال وجهة السفر المفضلة لمن يزورها من السعوديين.وقال : إنه لا يشعر بغربة وسط إخوانه المصريين، وعلاقات النسب والقرب والجوار تشجع على ذلك، كما أن المملكة تحتضن أكثر من مليوني مصري يقيمون في المملكة، كما أنه يفد إلى المملكة سنويا عدد يتجاوز الـ «5» ملايين زائر للحج والعمرة من مصر، منوها بأن حجم التبادل التجاري المصري السعودي يتخطى الـ «10» مليارات دولار عام 2015، وقال : "نحتاج للمزيد والمزيد خاصة أن هناك فرصا متاحة لتلك العلاقات السعودية المصرية التي تمتاز بالرسوخ والقوة، فهي علاقات متراكمة عبر سنين طويلة من العمل الأخوي المشترك".وأضاف: "لا يخفى على الجميع خصوصية تلك العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل، والوقوف بجوار بعضهم البعض خلال الأزمات، وهما جناحا الأمتين العربية والإسلامية، ومن خصوصية تلك العلاقة وقوف المملكة الداعم والقوي طيلة العقود الماضية، كذلك الدعم المادي والمعنوي لمصر في كل المحافل الإقليمية والدولية لعودة مصر لدورها المعهود.وأشار حسين حتاتة، إلى أن ملوك السعودية توارثوا منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حب مصر، وتنسيق المواقف، ووحدة الصف معها، كما أن الملك سلمان - حفظه الله ورعاه - سار على هذا النهج، وهو يقدم دعما غير محدود لمصر، وما قام به مؤخرا من دعم لمصر ماديا ومعنويا ولوجيستيا من تقديم البترول، والمشاركة في المشروعات العملاقة في مصر.وأضاف: "كان خير خلف لخير سلف، ولن ينسى المصريون وقفة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - التاريخية والشجاعة معهم، وتقرير مصيرهم بأيديهم، ورد تلك الهجمة الشرسة عليها، وتقديم كل ما احتاجته مصر سياسيا واقتصاديا في أصعب مرحلة ومحك تاريخي"،مشيرا إلى أن زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر التي ستؤسس علاقات أكثر متانة في كافة المجالات، خصوصا السياسية والاقتصادية لتحقيق المصالح المشتركة بين الشعب العربي الواحد في كل من مصر والسعودية.المستثمر السعودي في مصرإلى ذلك بين محمد العنقري، المحلل والكاتب الاقتصادي، أن العلاقات الاقتصادية شهدت تطورات كبيرة جدا خلال العقود الماضية، والمستثمر السعودي يعد من أكبر المستثمرين في مصر لجاذبية سوقها ومزاياه بوجود كوادر مؤهلة وخامات وموقع جغرافي مميز، وأيضا المنتجات المصرية والأيدي العاملة تعد رئيسة بالسوق السعودي، لكنها بالتأكيد لم تصل إلى المستوى المأمول قياسا بإمكانات البلدين.وأضاف العنقري: "حجم التبادل التجاري يقارب أربعة مليارات دولار، أما الاستثمارات فهي بعشرات المليارات من الريالات، وتميل الكفة لصالح المملكة، إلا أن الحاجة باتت ملحة أكثر لتعميق المصالح الاقتصادية، ووضع تسهيلات واجراءات جاذبة خصوصا في مصر، وآخر الاحصاءات تتحدث عن حوالي 4 مليارات دولار، لكن لابد من تطوير الاحصاءات بين البلدين وتدقيقها أكثر، وفي كل الأحوال مازال الرقم متواضع قياسا بحجم الاقتصادين".وبين أن العلاقات السعودية المصرية تمتاز بالعمق والترابط والمصير المشترك والتبادل التجاري الجيد، وإمكانية رفعه وعمل شراكات بيسر وسهولة إذا توافرت البيئة المناسبة، لكن إذا أخذنا بالقياس على مدى عشرات السنين فإن الميزان يميل لصالح نمو العلاقات التجارية وغيرها بشكل كبير.مستقبل العلاقات الاقتصاديةوحول مستقبل العلاقات الاقتصادية في ظل المشاريع المشتركة بين البلدين، قال العنقري: "أعتقد أن الاتجاه سيبقى صاعداً، ومع تطوير التشريعات ستزداد أكثر خصوصا الاستثمارات من القطاع الخاص السعودي والاستثمارات السيادية القادمة لمصر من المملكة بحدود 8 مليارات دولار ستعزز الشراكة الاقتصادية أكثر، وستدفعها إلى مزيد من المشاريع بين القطاعين الخاصين بالبلدين، مع أهمية وضرورة عرض الفرص وتقديم معلومات للمستثمرين كي يحددوا نوع الفرص بسهولة، والقيام بتنفيذ المشاريع وفق ضوابط وأنظمة ميسرة.وفيما يخص التسهيلات التي تقدمها الحكومة السعودية لنظيرتها المصرية والعكس، ذكر العنقري، أن هناك تطورا في الاتفاقيات التجارية، لكن مازال هناك الكثير لعمله خصوصا في بيئة الأعمال والبنى التحتية، والأنظمة، وتعميق التعاون يحتاج دائما إلى متابعة وتوسع بطرح الفرص، وكذلك العقبات التي تواجه القطاع الخاص والقيام بشراكات بقطاعات واستثمارات أساسية وجوهرية خصوصا بمجال الصناعة والطاقة والزراعة. ![image 0](http://m.salyaum.com/media/upload/7478f91473f813140c82710aa0978296_7.jpg)جانب من الندوة التي عقدتها «اليوم» عن العلاقات السعودية المصرية![image 1](http://m.salyaum.com/media/upload/e0626f16a9c94606316c0d55e1b3a7f1_8.jpg)الزميل خلف الخميسي خلال إدارته الندوة مع الضيوف