عمر المطيري - جدة

زيارة الملك سلمان لمصر لتوحيد الصف ومواجهة الملفات الساخنة

أكد عدد من المختصين في العلوم السياسية بالجامعات السعودية على أن الزيارة التي يعتزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز القيام بها لمصر تعتبر زيارة إستراتيجية تؤسس لتحالف حقيقي وجاد لمواجهة المخاطر والقضايا الساخنة التي تواجهها الأمتين العربية والإسلامية، وبخاصة التدخل الإيراني في شؤون الدول العربية، وتوحيد الصف لمواجهة الأخطار كافة، والنظر للأوضاع التي يعاني منها عدد من الدول العربية، في مقدمتها سوريا والعراق واليمن وليبيا، ومواجهة الإرهاب الذي أصبح يهدد الأمة، بالإضافة لمناقشة العديد من القضايا المهمة مثل فك الحصار عن غزة، وتلطيف العلاقات المصرية - التركية، كما ستعمل على توضيح المواقف المصرية "المبهمة" تجاه القضيتين السورية واليمنية. والتأكيد على وقوف المملكة العربية السعودية مع مصر لتجاوز الظروف التي تمر بها القاهرة داخليا ودوليا، نتيجة للأوضاع الاقتصادية المتدهورة، والانتقاد الدولي لها فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان، وهو ما يعزز من الحاجة للمملكة للوقوف مع القاهرة لما للبلدين من مصالح مشتركة، وأواصر تاريخية واقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية.تؤسس لتحالف حقيقي ضد المخاطر وقال الدكتور زهير الحارثي عضو مجلس الشورى حول الزيارة: لا شك أنها زيارة تاريخية واستراتيجية ستعمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتأسيس لتحالف حقيقي وجاد لمواجهة المخاطر التي تتربص بالامة العربية، كما أنها ستعزز من القومية العربية، وترد على المتربصين الذين يسعون لتشويه العلاقات السعودية - المصرية، وهذه الزيارة في حد ذاتها تحمل رسالة سياسية للقوى الإقليمية في المنطقة مفادها أنه من الصعب اختراق العلاقات السعودية - المصرية، وتؤكد على أن مصر دولة عربية، ولن تصبح مطلقا ضد المصالح العربية، بالإضافة لذلك فإن هذه الزيارة تؤكد على مدى العمق الذي وصلته العلاقات السعودية - المصرية، وهي تعكس تجاوز أي خلافات او مواقف من الطرفين.وحول ما تتم إثارته من قبل بعض وسائل الاعلام المصرية ضد قرارات المملكة العربية السعودية، ومواقفها بخصوص مواجهتها للتمدد والتوغل الايراني في الدول العربية، قال د. الحارثي: إذا كان الإعلام الذي يروج لمثل هذه الامور إعلام محسوب على السلطة المصرية، فيجب في هذه الحالة إيقافه، واتخاذ الإجراء اللازم تجاهه، بما يمنعه من المساس بسمعة المملكة أو الدول العربية الأخرى، ولكن ما يحدث من وسائل الاعلام، أو من بعض الكتاب سواء كانوا في مصر أو من السعودية، فهي انما تعتبر محاولات لتأجيج الخلافات بين البلدين، وأعتبر من يقومون بمثل هذه الاعمال هم من المحسوبين على جماعة الاخوان المسلمين، وشدد على أنهم مهما حاولوا لإحداث شرخ في العلاقات بين السعودية ومصر، فإنهم لن يتمكنوا من تحقيق ما يصبون إليه.ويذكر الحارثي بأنه وعلى الرغم من المحاولات المستمرة لإحداث توتر بين البلدين، إلا أن العلاقات على الصعيد السياسي وعلى الواقع العملي تخالف لما يروج له. ويضيف قائلا: من المعروف أن الحكومة المصرية تقدر مواقف المملكة، ووقوفها معها لسنوات طويلة خلت، وكانت مواقف المملكة التي يهمها استقرار مصر ثابتة بعد الثورة المصرية، فهي دعمت مصر سياسيا واقتصاديا، وهذا ما أكده الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أكثر من مناسبة، وتأتي هذه الزيارة كذلك لتنتج المزيد من النتائج، مثل توحيد الصفوف، وإنجاح مشروع القوة الاسلامية، وستعمل بالتأكيد على إيقاف المتربصين عند حدهم.وبالنسبة لتباين وجهات النظر بين الطرفين، يضيف: هذه الاختلافات في وجهات النظر في بعض الامور لا يمكن أن تستغل أو تصور على أنها خلاف سياسي، أو على اعتبارها مواقف متعارضة. ويوضح أنه سينتج عن زيارة خادم الحرمين الملك سلمان لمصر مردود على الصعيدين الدولي والعربي؛ وذلك لأن السعودية ومصر يعتبران من اكبر البلدان العربية، وبالتالي فهما من لديهما القدرة على مواجهة أي اخطار تهدد الدول العربية والاسلامية.إدراك لخطورة الأوضاع بالمنطقة من جانبه، قال الدكتور أحمد البرصان أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة: إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تعتبر زيارة تاريخية، وهي زيارة حازمة لفك الابهام عن المواقف المصرية التي ما زالت غير واضحة في الكثير من القضايا، والمملكة هي الدولة الرائدة، والقائد العربي والاسلامي، وبالتالي فهي تسعى لجمع كلمة العرب والمسلمين لمواجهة الاخطار التي تتربص بالأمتين العربية والاسلامية. كما تسعى لإيجاد تكتل عربي ضد إيران واسرائيل في آن واحد. ويضيف د. البرصان: الزيارة جاءت لتحسم الموقف المصري وتعيده إلى المصالحة مع تركيا، ومع باقي الدول التي لمصر مواقف تجاهها؛ وذلك لأن الوضع العربي ووضع المنطقة يتطلب تغيير المواقف السلبية بين مصر وتركيا، والحكومة المصرية من ناحيتها تدرك خطورة هذا الوضع، سواء في الداخل المصري، أو على الصعيد الخارجي، وبذا لا يمكن الخروج من هذا المازق، إلا بوقوف المملكة العربية السعودية مع مصر التي تعاني من ازمات في الداخل، وانتقاد دولي لسجلها في مجال حقوق الانسان، أعلنته الدول الاوروبية والغربية، التي عبرت عن عدم رضاها عن الوضع في مصر والذي اعتبرته خطيرا، وستعمل السعودية في هذه الزيارة بحكم علاقاتها المتينة بالقاهرة، ولما لمصر من ثقل عربي، يحتم على المملكة احتواء مصر وإنقاذها. ويرى الدكتور البرصان أن الزيارة التاريخية للملك سلمان للقاهرة تتم في وقت تحتاج فيه مصر لمثل هذه الزيارة، وكذلك الدول العربية الأخرى؛ وذلك حتى تجلي المواقف المبهمة من قبل الحكومة المصرية، سواء فيما يتعلق بالوضع السوري أو اليمني او الليبي، إضافة إلى التقارب المصري الإيراني، والمواقف التي قامت بها مصر مع المالكي في العراق، في تقارب مع العراق على حساب الامة العربية، وهذه الزيارة، لها أبعاد سياسية، وأبعاد ستجلي الموقف المصري بطريقة واضحة وصريحة، وفك الإبهام الذي يسود المواقف المصرية التي وصفها بـ"الزئبقية".وبخصوص أجندة اللقاءات الثنائية للزيارة يقول: هناك اجندة أعتقد أن خادم الحرمين الشريفين لا بد أن يطرحها، وقضايا لا بد من معالجتها، منها تلطيف العلاقات بين مصر وتركيا، وقضية الحصار الذي تقوم به مصر لغزة، وطرح عملية انقاذ للأوضاع التي تمر بمصر من واقع أزماتها الاقتصادية، مع تنامي غضب شعبي، وحملات دولية. ويرى أن الحكومة المصرية ليس امامها إلا الوقوف مع الامة العربية، ومع مواقف المملكة وإلجام الاعلام المصري الذي يهاجم المملكة؛ لأن هذا الاعلام لا يمكن ان يقوم بمثل هذه الهجمات بدون وجود ضوء اخضر من الحكومة المصرية، مما يحتم تبعا لما يجري في مصر التدخل السعودي لإنقاذ الأوضاع هناك، لأن الحكومة المصرية لن تستطيع وحدها انقاذ هذه الأوضاع الداخلية، حيث ينهار الجنية المصري امام الدولار، وتتعرض مصر لانتقادات عالمية، تفرض تجاوب الحكومة المصرية مع المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالمواقف، او فيما يتعلق بالابتعاد عن الدول المتربصة بالأمة العربية، فالوضع المصري في انهيار مستمر داخليا وإقليميا ودوليا، وزيارة الملك سلمان هي لإنقاذ الاوضاع؛ لتتجه الى المسار الصحيح الذي يصب في مصلحة الامة العربية، ومع مواقف المملكة التي تتصدى للتمدد الايراني في المنطقة.ولتتويج العلاقة وتنقيتها من الشوائب وإلجاما للمتربصينمن جانبه قال عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل: لا شك أن الزيارة التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لمصر زيارة إستراتيجية؛ لما يربط مصر والمملكة العربية السعودية من روابط تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية وهذه الزيارة سوف تتوج هذه العلاقة وتنقيها من الشوائب وتلجم المتربصين، متوقعا ان تشمل بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، والقضايا الساخنة على الصعيدين العربي والدولي، فمصر جزء من المنظومة العربية وجزء من المنطقة، ودورها لا يستهان به في الاوضاع المضطربة في سوريا او العراق او اليمن أو حيال السياسات العدوانية الايرانية والاسرائيلية، والمصالح العربية تتطلب مواجهة التمدد الايراني ومكافحة الارهاب، وكل هذه القضايا تتطلب موقفا موحدا لتحقيق اهداف البلدين. وقال: تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات واعمالا إرهابية، إضافة إلى الصراع العربي الاسرائيلي وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حصار لغزة فهذه الزيارة تهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، والحفاظ على الامن القومي لما على البلدين من مسؤولية للتعامل مع الصراع العربي الاسرائيلي، ومواجهة التحديات الإقليمية والقضايا العربية، وحل أي معوقات تشوب المواقف في مواجهة القضايا المصيرية العربية. وأوضح أن الجميع يدرك مدى الوضع الداخلي المصري فاستقرار مصر يهم السعودية، ويهم الدول العربية والإسلامية؛ لما لمصر من مكانة، فالمصالح المشتركة بين السعودية ومصر تتطلب أن تشهد مصر استقرارا امنيا واقتصاديا واجتماعيا فاستقرار مصر مهم. وتوقع الدكتور صدقة ان يتم خلال الزيارة تلطيف الاجواء بين مصر وتركيا، وتوحيد الصفوف لمواجهة الأحداث والاخطار التي تشهدها المنطقة، سواء في اليمن او سوريا او العراق، فالمملكة بمكانتها الرائدة عربيا وإسلاميا، وبثقلها الدولي تسعى إلى توحيد صفوف الامتين العربية والاسلامية؛ للتصدي لمواجهة الاخطار التي تهدد الامة العربية ومصالحها. وحول ما تواجهه السعودية من حملات إعلامية من بعض وسائل الاعلام المصرية، ختم بقوله: لا شك ان الزيارة سوف ينتج عنها اجتماعات على مستوى الزعماء وأخرى على مستوى الوزراء، ومثل هذه الامور يمكن أن تتم مناقشتها من قبل الوزراء؛ لأن أي تصعيد او انتقادات من وسائل الاعلام لأي بلد عربي آخر، فإن ذلك يخدم أعداء الأمة العربية التي هي في حاجة إلى مواجهة الأحداث الساخنة والمخاطر بشكل عام.