صحيفة اليوم

من أصناف الناس!

الناس يتفاوتون في مشاربهم، ويختلفون في منازعهم ويتباينون في أفكارهم.. فمنهم طبقة سادية مريضة تعشق الايذاء وتتفنن في المكر، حاقدة على المجتمع، وناكرة للجميل، وتزعم لنفسها الأولوية في كل شيء ولا يحق لغيرها ما حق لها، وشعارها " ابدأ الناس الايذاء حتى تكون غالباً دائماً" ومن عجب على عجب أن هذه النفوس المريضة لا يهنأ لها بال ولا يقر لها قرار ولا تستكين لها قريحة، ولا تتم لها سعادة إلا أن تعيث في الأرض فساداً، وتنظر إلى الناس نظرة مقيتة برؤية سوداوية وتظن بزعمها أن الناس لا خلاق لهم بل أسوأ من ذلك تتعرض لقيم الناس وأعراضهم وذممهم وتتنكر لدورهم الاجتماعي والريادي وربما تطاولت على الناس بالألسن بعبارات لا يتخلق بها مسلم ولا يقرها عاقل لأن حقدهم دفين وشرهم مستطير ورسول الله صلى الله وسلم يقول: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنة الناس على دمائهم وأموالهم) وقوله صلى الله عليه وسلم " والمؤمن يألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" لكن انطفأ نور الإيمان من قلوبهم وعميت بصيرتهم فرأوا أن الايذاء نوع من الانتصار، ورد الاعتبار المغلوط وأنهم مظلومون، فيستمرون في غيهم وأكاذيبهم وبهتانهم ولا يعتبرون بالأحداث من حولهم، ولا يفكرون في مصيرهم وأنهم ساقطون اجتماعياً، وأن الايذاء مردود عليهم، وأنهم يحترقون وينتحرون ببطء، والمؤمن الكيس الفطن من يقابل سيئاتهم بالحسنات، ويتحلى بالصبر، والصبر مع العفو، ويدعهم في طغيانهم يعمهون.. والله يتولى سرائرهم وطبقة أخرى لا تبدأ أحداً بظلم ولا عدوان ولكنهم ان ظلموا انتقموا ممن ظلمهم وردوا الاعتداء بمثله " وجزاء سيئة سيئة مثلها" وينتصرون ممن ظلمهم " فأولئك ما عليهم من سبيل" وشعارهم في الحياة " الشر بالشر والبادي أظلم" وتقول لهم: ( أسالوا أنفسكم هل أنتم قبل ذلك على نور وهدى ممن ظلمكم فعلاً، وإلا سولت لكم أنفسكم وخدعتم وغركم بالله الغرور؟! والإسلام أدب الناس وجعل الصبر والسماحة استعلاء على غضب النفس، وخلق حميد لأولي الفضل " ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور" وتكفينا عبرة لمن تخلق بخلق يوسف عليه السلام عند المقدرة "لا تثريب عليكم اليوم".. وطبقة أخرى أهل سماحة ومروءة وشيم وأخلاق عالية، صبر، وعفو، وأحسان، في غير ذلة يعفون عمن ظلمهم ولا يبخسون الناس حقهم، بل يتنازلون عن حقوقهم ولا يقابلون الناس بأذى تكرماً منهم مع قدرتهم على أن ينتقموا لأنفسهم وهذه الطبقة من البشرية قد مدحهم الله تعالى بقوله: " وإذا ما غضبواهم يغفرون" ومواقف الرسول صلى الله عليه وسلم تعد نماذج لمن ينشد المعالي، وحياة الشرف، ونبل الأخلاق..