استثمار الموارد البشرية لإدارة الوقت
كثيرا ما يتحدث البعض عن الوقت وإدارته وتنظيمه من جوانب عدة، ولكنى اليوم أطرح قضية إدارة الوقت في ضوء منظومة تنمية الموارد البشرية، وهذا قناعة مني بأهمية الوقت باعتباره أحد الموارد الاقتصادية الهامة الذي يختلف عن غيره من الموارد الاقتصادية الأخرى، فالوقت أكثر الموارد قيمة، فهو يتميز بمجموعة من الخصائص التي تميزه عن غيره كمورد اقتصادي. فالوقت لا يمكن ادخاره أو تخزينه، فاللحظة التي لا تستثمر تفنى، كما أن الوقت لا يمكن اقتراضه أو امتلاكه أو استئجاره، كما ان الوقت لا يباع ولا يشترى.وعلى الرغم من كل ذلك، فالوقت متاح للجميع، وهذا ما يجعلنا نفكر في كيفية استثمار الوقت؛ من أجل تنمية الموارد البشرية، وهنا نجد أنفسنا نفكر في منظومة التدريب أو الحقيبة التدريبية الموجهة للموارد البشرية، وكيف يمكن تطويرها عبر احتوائها على نظم التدريب المتقدم بشأن آليات إدارة الوقت واستثماره، خاصة أن هناك تطورا في أيديولوجيات وسياقات تنمية وتطوير الموارد البشرية بصفة مستمرة؛ نتيجة للتراكم المعرفي والتكنولوجي الذي أحدثته ثورة المعلومات والتكنولوجيا عبر العالم.وقد يتساءل البعض لماذا اربط بين إدارة الوقت وتنمية الموارد البشرية؟، في الحقيقة ان إدارة الوقت وتنظيمه يمكن أن يكون له مردود رائع في مظاهر الحياة اليومية في بيئات العمل، فتنظيم الوقت وتخطيطه واستثماره من شأنه تخفيف ضغوط العمل، كما أنه يسهم في تحسين نوعية الاداءات اليومية وتحسين نوعية العمل ذاته بما يحقق نتائج افضل في العمل، بالاضافة الى زيادة سرعة انجاز العمل وتقليل الاخطاء التي من الممكن ارتكابها اثناء العمل نتيجة لعدم التخطيط او عدم التنظيم، وهذا بدوره يمنح الموارد البشرية احساسا بالانجاز والراحة النفسية في العمل.وهنا نشير إلى أهمية استثمار الوقت في تنظيم الأداء وتحسين مستواه، ويجب أن ندرك ان استثمار الوقت بصورة ايجابية يعتبر صفة مشتركة في الاشخاص الناجحين، حيث إنهم من خلال ادارة وتنظيم الوقت يستطيعون احداث توازن بين الاهداف والواجبات وادارة حياتهم الذاتية بنجاح.وأحب هنا أن أشير إلى العلاقة بين إدارة الوقت وترتيب الأولويات، باعتبارها إحدى العمليات الهامة التي يجب تدريب الموارد البشرية عليها، فان نجاح الموارد البشرية في تحقيق اهدافهم يرتبط بقدرتهم على ترتيب الاولويات في ظل ما هو متاح من الوقت الذي يجب استثماره لتحقيق الاهداف، بمعنى يجب العمل على استثمار مساحات الوقت لتحقيق كافة الاهداف في ضوء اهمية كل منها. وفي سياق الحديث عن ادارة الوقت وتنظيمه اتذكر أحد الامثلة التي تقول «اعتنِ بالدقائق وسوف تعتني الساعات بنفسها»، وهذه المقولة في حد ذاتها دليل واضح عن اهمية استثمار الوقت عبر التنظيم الفعلي للدقائق وعندما يحدث ذلك فعلا ستجد ان الساعات التي امضيتها تم استثمارها بطريقة ايجابية صحيحة.لذا، أتمنى أن نضع في اعتبارنا أهمية إدارة الوقت وتنظيمه وذلك عبر صياغة سياسات واستراتيجيات متطورة لتنمية الموارد البشرية وتدريبهم على كيفية الاستفادة من آليات استثمار الوقت، وكيفية تطبيق نماذج إدارة وتنظيم الوقت في الواقع؛ حتى يمكن تفعيل أداء الموارد البشرية، وتحسن بيئات العمل وتحقيق الأهداف المنشودة في إطار رؤية مستقبلية مثمرة.