كلمة اليوم

الحوثيون.. مفاوضات الكويت والاختبار الأخير

بدد الحوثيون كل فرص التسوية التي أتيحت لهم منذ المبادرة الخليجية إلى اتفاق السلم والشراكة إلى كل عروض التسوية التي صاحبت عمليتي عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وبدا وكأنهم ينتظرون معجزة لإحكام سيطرتهم على اليمن الشقيق، بعدما كشفت لهم الوقائع أن من كان ينفخ في رماد نارهم، ما كان ليضيء طريقهم، وإنما كان يفعل ذلك من أجل استخدامهم حطبا لأطماعه، ووقودا لمآربه في تجهيز الساحة اليمنية، والعبور من خلالها بعد تفتيتها للقضاء على وحدة مجلس التعاون الخليجي. وقد حاولت قوى التحالف بقيادة المملكة مرارا أن تقنع الحوثيين بأنها لا تحاربهم على سبيل الاستعداء لأنها تنظر إليهم على أنهم فصيل يمني.. لهم ما لغيرهم، وعليهم ما عليهم، وإنما لأنهم الشريحة التي وقعت ضحية مطامع إيران والمخلوع الذي يريد أن يقتص ممن أزاحه عن السلطة بعد 33 عاما من التحكم في رقاب اليمنيين، لكنهم كثيرا ما تعهدوا ثم نكثوا عهودهم قبل أن يجف حبرها. وبالأمس بدأت مفاوضات الكويت، والتي جرى التمهيد لها من خلال حوارات الرياض مع الطرف الحوثي، ومن خلال الموفد الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد، والتي ربما تكون هي الفرصة الأخيرة للحوثيين لإبداء حسن نيتهم، ورغبتهم في إيقاف الأعمال العسكرية، والاحتكام إلى لغة الحوار للتوصل إلى حل يفضي للسلام على ضوء القرار الأممي رقم 2216، ويكفل لليمنيين جميعا بمختلف شرائحهم وتوجهاتهم المشاركة في بناء يمن جديد، ستكون المملكة ودول الخليج والتحالف هي أول الداعمين له، والمتكفلين برعايته واعماره إلى أن يتجاوز المصاعب التي جرها عليه التمرد، ونقول الفرصة الأخيرة، لأن ما كانت تقبل به دول التحالف قبل هذه المفاوضات حقنا للدم اليمني، لن تقبل به بعدها، لأنها لن تسمح بالدخول في حرب استنزاف لا غاية منها سوى إطالة أمد الحرب، واللعب على احتمالات مآلاتها، هذا لن يكون، وعلى الحوثيين الذين قدموا حتى الآن ما يشي بجديتهم هذه المرة أن يترجموا ذلك على طاولة المفاوضات إن كانوا فعلا يريدون الخروج من هذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم وبلدهم والمنطقة فيه، لأن لا أحد في التحالف سيبقي اللعبة على نفس وتيرتها، وهو التحالف الذي بني لاسترداد الشرعية، ومن أجل إقامة بناء سياسي تشاركي يحفظ للجميع حقوقهم حسب تمثيلهم، ولا ينتصر لفئة على حساب أخرى، وإذا كانت المؤشرات الأولية تشير إلى استعداد الحوثيين هذه المرة للانخراط في مشروع السلام بشكل جدي بعدما خذلتهم إيران، وبعدما تأكدوا من قفز المخلوع على ظهورهم للاقتصاص ممن أزاحه من السلطة، فإن طاولة المفاوضات وما سيقدم عليها، هو ما سيتم البناء عليه لإثبات هذه النية، أو نفيها، أما مسألة تقطيع الوقت فلن يكون لها مكان في مؤتمر الكويت، وهو ما يجب أن يعيه الحوثيون تماما. فهل يستثمرون الفرصة الأخيرة والتي أعدّت لها دولة الكويت الشقيقة كل مقومات النجاح؟.. هذا ما ننتظره.