مطلوب عيون جديدة
افترض أنك دخلت غرفة يتدلى من سقفها حبلان، وطلب منك ربط الحبلين معا، وكان هناك بعض الأدوات على طاولة في زاوية الغرفة من بينها مطرقة ومقص ومفك، حاولت بيدك الإمساك بطرف أحد الحبلين ومشيت باتجاه الحبل الآخر، ولكنك سرعان ما تيقنت بأنك لن تستطيع الوصول إلى طرف الحبل الآخر، فماذا تفعل؟يمكن حل ذلك باستخدام الأدوات المتاحة بطريقة غير تقليدية، فإذا ربطت المطرقة بطرف أحد الحبلين وأخذت تلوح به كبندول الساعة، فإنك ستكون قادرا على الإمساك به وأنت في وسط الغرفة وبيدك الأخرى طرف الحبل الآخر، وبذلك تكون قد استعملت وزن الأداة لتجعل الحبل يقترب منك بدلا من محاولة شده أو تطويله.يخفق الكثير في التوصل لهذا الحل، لأنهم نادرا ما يفكرون في استعمالات جديدة غير تلك الاستعمالات التقليدية للأدوات أو المواد المتاحة، وتفسير ذلك مرده لما يصفه علماء الدماغ بالجمود أو الثبات الوظيفي functional fixedness حيث يصبح الشخص أكثر ميلا للبقاء في دائرة ردود الفعل لما يدور حوله ويتخلى عن المبادأة في استشراف ابعاد جديدة، نتيجة ترسخ أنماط وأبنية ذهنية معينة تدفعه لتجاهل استراتيجيات أكثر فعالية.هناك نزعة عامة لمقاومة الأفكار الجديدة والحفاظ على الوضع الراهن بوسائل عديدة، خوفا من انعكاساتها على أمن الفرد واستقراره، حيث يعتقد البعض بأن الخبرة الجديدة تشكل تهديدا لمكتسباته وأوضاعه، ولذلك تجده يستجيب لأي فكرة جديدة بعبارات قاتلة من نوع، «لم يسبق أن فعلنا ذلك من قبل»، «لن تنجح هذه الطريقة»، «هذه الفكرة ستكلف كثيرا».الإبداع هو النظر إلى المألوف بطريقة غير مألوفة، ولذلك فالميل للمجاراة والنزعة للامتثال للمعايير السائدة يعيق من استخدام المدخلات الحسية بشكل إبداعي، ويكبح المرونة الذهنية التي هي أكثر الخصائص المرتبطة بالتفكير الإبداعي، والتي تعرف بالقدرة على توليد أفكار متنوعة ليست من نوع الأفكار المتوقعة، والتخلي عن العلاقات القديمة في حل المشكلة وتحويل مسار التفكير لاتجاهات جديدة، ولنتذكر دوما أن رحلة الاستكشاف الحقيقية لا تستلزم منا الذهاب لأراض جديدة، بل الرؤية بعيون جديدة.