لمى الغلاييني

ما رأيك في المنزل؟

انظر للحظة خارج نافذتك وتخيل أنك ترى بيتا عن بعد، فإذا كنت كثير الشكوك فسوف تفترض شيئا مريبا يحدث بالداخل ومن المحتمل اختباء مجموعة من المجرمين، وان كنت تشعر بشيء من الكآبة فسوف ترى أجواء المنزل محبطة وقاتمة، ولو كان مزاجك معتدلا رائقا في حينها فسوف تبتهج بمنظر الحديقة المحيطة بالمنزل، أما إذا كنت قد قطعت شوطا جيدا في النضج الروحي فسوف تدعو بالخير والسكينة لمن يعيشون بداخله وتتمنى لهم حياة طيبة.الأمر كليا متعلق باختياراتك الإدراكية واتجاهك النفسي ولا علاقة للمنزل بذلك، ولك كامل الحرية في رؤية المشهد بطريقة أكثر إثارة وإلهاما أو بطريقة سوداوية.إن ما يسمى بالواقع الذي نعيشه ما هو إلا نظام الاعتقاد المشترك الذي يشكله باستمرار ما يقال حولنا وما نحدث به أنفسنا، وليس علينا الإيمان بمصداقيته، بل بوسعنا أن نخلق واقعنا الخاص الذي يدعمنا.يحكى أنه كان في قديم الزمان رجل عجوز يجلس خارج أسوار بلدة كبيرة. وعندما كان المسافرون يقتربون من البلدة يسألون ذلك العجوز: ما طبيعة السكان هنا؟ فيتأملهم العجوز ثم يسألهم: وما هي طبيعة سكان المدينة التي جئتم منها؟ فيجيبه البعض: لا يعيش في المكان الذي جئنا منه سوى الأشرار، فيقول العجوز: تابعوا السير فلن تجدوا هنا سوى أشرار، وإذا كان جواب المسافرين بأن المكان الذي جاءوا منه مليء بالأشخاص الأخيار، فيكون جواب العجوز: ادخلوا المدينة ولن تقابلوا إلا الأخيار.إن الطريقة التي نفكر بها والمسؤولة عما نشعر به هي نتيجة اختيار مسبق قمنا به بوعي أو بدون وعي، فسواء كنت منشرحا أو محبطا أو قلقا أو واثقا، فكل تلك المشاعر مبنية على نمطك التفكيري وأسلوبك في رؤية وتحليل الأوضاع، وهذا شيء يمكننا تغييره والتحكم به لصالح الحصول على نفسية أكثر استقرارا.عالمنا الخارجي مرآة لعالمنا الداخلي، ولذلك فنحن لا نرى العالم على ما هو عليه بل على ما نكون نحن عليه، وعندما ننظر في كل جانب من جوانب حياتنا فسنجد انعكاس اتجاهاتنا وقناعاتنا علينا، لأن الشخص الذي بداخلنا هو الذي يحدد أساسا ما يحدث لنا بالخارج.