خالد الشريدة

الهيكلة تضع بلادنا في أول الطريق نحو 2030

لا شك في أن تقليص الظل الإداري في هياكل الدولة له مردود إيجابي فاعل في إنجاز المهام بصورة أكثر تركيزا، الى جانب تعزيز مبادئ وقيم الحوكمة والشفافية في العمل العام، وذلك يتوافق مع عصر أصبح أكثر سرعة وإنجازا من خلال تطبيقات الحكومة الإلكترونية التي يمكن أن يدار عبرها أكثر الإجراءات والعمليات تعقيدا وكثافة في وقت وجيز وبكل إتقان إذا تخلصنا من نغمة «النظام عطلان» التي لا تنسجم مع الطموحات الى إدارة خدمية متطورة.الأوامر الملكية الأخيرة بدمج عدد من الوزارات تخدم برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 التي تتطلب عمقا تنفيذيا جديدا يحاصر انتشار المساحة التنفيذية في الأجهزة المختلفة، ويضع كثيرا من المهام في مواقعها المتقاربة التي تستوعب رؤية عامة يمكن معها بلورة الأهداف وتحقيقها تحت مظلة واحدة بدلا من تعدد غير مجد، لذلك فإن حكومة مركزة الصلاحيات تخدمها دماء جديدة وفقا لمقتضيات الرؤية والتحول يمكن أن تكون فاعلة للغاية في الوصول الى الطموحات والغايات التنموية التي ننشدها، لكن يبقى العامل البشري مؤثرا رغم التطبيقات التقنية التي تنظم معاملات الحكومة الإلكترونية في الوزارات، إذ إن استيعاب الكوادر لإعادة الهيكلة بروح الرؤية يختصر طريقا طويلا نحو تحقيق الأهداف، فهذه الحكومة التي تم تشكيلها عقب إطلاق الرؤية معنية بضربة البداية في أعمال التحول والانتقال بالدولة وأجهزتها الى مرحلة تالية يجب أن تكون أكثر كفاءة وقراءة لأفق المستقبل.الرؤية الوطنية ليست معقدة خلاصتها وطن طموح، ذلك لا يأتي بالتمنيات أو التقديرات، وإنما بإرادة وطنية تبدأ من الهيكلة التي تضع الجميع مسؤولين ومواطنين أمام تحدياتهم في البناء وتنفيذ الرؤية بصورة صحيحة ودقيقة وكفؤة، وحين نعتمد على مبادئ الشفافية والحوكمة فإننا في الحقيقة نمنع كثيرا من التسربات الإدارية والتنفيذية وتكبح أي شرود في التعاطي مع الأهداف الوطنية، لأننا مطالبون بأن نعمل على قلب رجل واحد لتحقيق الرؤية التي تعتبر مسؤولية وطنية وليست قاصرة على الأجهزة والمؤسسات التنفيذية وحدها، فغيرنا من الشعوب عملت بمنهج جماعي خلف قيادتها، ومن يريد أن يبلغ طموحاته لا بد أن يبذل جهدا وعلى قدر الجهد يكون الحصاد، لذلك فإننا أمام لحظة تاريخية فارقة تقتضي أن نعيد اكتشاف الذات الوطنية والعملية بحيث ننهض ببلادنا التي تمتلك كثيرا من الموارد التي يمكن استثمارها بجدية، وطالما الرؤية تركز على المورد البشري فالفرصة متاحة ومثالية لتطوير القدرات والانفتاح على تجارب الآخرين في النهضة والتطور.بناء الأوطان عملية شاقة ولم تكن سهلة لأي أمة أو شعب، والآن بيدنا الخطط والمنهج، ويمكن للمؤسسات التنفيذية أن تنفتح أكثر ببرامجها التفاعلية مع المواطنين ليكونوا جزءا من البناء وتنفيذ الأعمال، لأنه لا بد وأن نشارك جميعا وفقا لقدراتنا في تلك الأعمال، وأن نكتسب الحد الأدنى من ثقافة البناء والنهضة ومساعدة المسؤولين في أداء أعمالهم، بأن نقول للمخطئ أخطأت والمحسن أحسنت، وغايتنا النهائية البناء الوطني، لأن الرؤية التي انطلقت ملك لكل مواطن ومسؤول عنها بتقديم النموذج الحضاري الذي يسعى لتطوير نفسه والحصول على الجرعات المعرفية والإدارية والوظيفية والعملية التي تواكب التحديات، فهي لحظة تاريخية للعمل بكفاءة وإتقان ومسؤولية.