د. طرفة عبدالرحمن

ترفيه مع سبق الإصرار

كان القرار الملكي القاضي بإنشاء هيئة للترفيه أحد القرارات التي حظيت باهتمام شعبي واسع.. فقد أثار عدد من مستخدمي التواصل الاجتماعي الأسئلة لحظة سماعهم القرار، تساؤلات تتعلق بطبيعة عمل هذه الهيئة والآلية التي ستنتهجها لتحقيق الهدف الأساس الذي أنشئت من أجله.. ورغم أن قرار إنشاء مثل هذا النوع من الهيئات لم يكن فكرة فريدة من نوعها فقد سبقتنا له على المستوى العربي دولة الإمارات الشقيقة بإنشائها وزارة السعادة، وعلى المستوى العالمي في عام ١٩٧٢ أنشأت دولة بوتان في جبال الهيمالايا وزارة للسعادة الوطنية، إلا أن قرار إنشاء هيئة للترفيه في السعودية كان محل مفاجأة عند البعض.. وقد يكون السبب وراء هذه المفاجأة شعور الفرح بهذا القرار نتيجة لحاجتنا الملحة لعنصر الترفيه أو ربما التعجب من امكانية وجود مثل هذا النوع من الهيئات بالتزامن مع وجود هيئة أخرى متوقع أن تتصادم مع أهدافها. عموما الأهم في الموضوع ككل أن الناس تتطلع لتحقيق هيئة الترفيه أهدافها بالشكل المرضي للرغبات العامة، خاصة في الشق المتعلق بالسياحة ووجود الحاجة لمراكز ترفيهية يمكن ارتيادها والاستمتاع بها على النحو الذي يشعر به الناس في الدول الأخرى.. أعتقد أن أهم مؤشر لنجاح دور هيئة الترفيه وهيئة السياحة في قادم الأيام قدرتها على تكبيل مليارات الريالات التي تنفق خارج هذا البلد في مواسم السفر والاستفادة من توظيفها داخليا.. إن نجحت هيئة الترفيه في تحقيق أهدافها المعلنة فهي بلا شك ستحقق تبعا لذلك أهدافا أخرى غير مباشرة لم تعلن عنها، تخص الجانب النفسي والمعنوي لمعظم فئات المجتمع والحد من تفاقم المشكلات الاجتماعية الناتجة عن الكبت والترهيب من الحياة.. أعتقد أن الطباع الشائعة في نمط شخصية السعوديين تعطي تصورا واضحا بأنهم قابلون أن يكونوا أكثر سعادة وتذوقا للمتعة والفن والاستقرار النفسي مما هم عليه الآن في حال توافرت لهم ظروف ملائمة للاستمتاع والترفيه.. فقد أثبتوا في ظروف عدة أنهم الأكثر فكاهة ومرحا حتى في المناسبات الضاغطة، كذلك الأكثر تميزا وذكاء وشجاعة ونبلا، وهذا بشهادة الأعراق الأخرى التي خالطتهم في مناسبات تعليمية أو سياحية.. ينقصنا في بعض الظروف أن نشعر بأننا بشر طبيعيون كباقي الأمم نمارس سلوكنا بدون رقابة ولا وصاية تفترض أننا مذنبون ومخطئون حتى نثبت غير ذلك.. مجتمع لديه مقومات ترفيهية طبيعية متناسبة مع كبر حجمه وثقله الاقتصادي.. في النهاية أتمنى مع التغيرات الجديدة و«رؤية 2030» أن نحظى بواقع اقتصادي تنموي اجتماعي جدير بالتقدير والاعتزاز، وأن نساهم في تأسيسه ونجاحه جميعا بدون إحباطات ولا انتقادات جائرة تعرقل سيرنا.. سنمارس سعادتنا وتحقيق طموحنا في جميع مناحيه مع سبق الإصرار والترصد وكل من يحاول عرقلتها ليذهب إلى مكان آخر يقيم فيه أو ليصمت. وأخيرا سنمارس حق الترفيه بدون أي نكد من أي كائن كان، طالما كانت ممارستنا له ضمن حدود النظام والمسموح به في قانون الدولة..