حوكمة التنمية
تتطلب التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة التي تستشرفها مملكتنا الحبيبة، والتي تتسم بطموح غير مسبوق، أن تكون هناك رؤية واضحة وأهداف وبرامج تنفيذية محددة، وقياس للأداء، وفوق ذلك، أن يتم العمل بتنسيق وجماعية بين مختلف القطاعات التنموية وداخل كل قطاع. كما يلزم أن تتم جميع هذه الأعمال بشفافية عالية تتضح معها مواطن الضعف والقوة وأساليب العلاج.وبعد موافقة مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها يوم الاثنين، الثامن عشر من شهر رجب لعام 1437هـ الموافق 25 أبريل 2016م، على رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وقيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع الآليات والترتيبات اللازمة لتنفيذ الرؤية والمتابعة، تم الاعلان عن آليات التنفيذ، والتي تكمن في نظام حوكمة متكامل، لضمان مأسسة العمل ورفع كفاءته وتسهيل تنسيق الجهود بين الجهات ذات العلاقة، وبما يُمكّن المجلس من المتابعة الفاعلة. ويعد نظام الحوكمة بمثابة دليل تنفيذي بمهام ومسؤوليات متدرجة، من مستوى رسم التوجهات والاعتمادات الى مستوى الإنجاز وحل الإشكالات التي تواجه التنفيذ وكل ما من شأنه أن يعوق تحقيق الأهداف المرجوّة. كما أن نظام الحوكمة سوف يرسخ الصورة الذهنية لدى المجتمع عن عزم المملكة على تنفيذ تلك الرؤية الطموحة بمنتهى الحزم والجدية.وعند الحديث عن مستوى الإنجاز والتنفيذ، فقد اشار نظام الحوكمة إلى أن «الجهات التنفيذية لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 من وزارات وهيئات وأجهزة حكومية هي المعنية في المقام الأول بتطوير وتنفيذ البرامج والمشاريع والمبادرات، وتنسيق الجهود والتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى في سبيل تحقيق النتائج المرجوة. كما يكون رئيس كل جهة هو المسؤول الأول عن الإنجاز وحل الإشكالات والتحديات الداخلية التي تعيق تحقيق الأهداف وإنجاز المبادرات ويشمل ذلك رفع التقارير وتوفير المعلومات للجهات ذات العلاقة». وفي ذلك إطار واضح لعمل جماعي مؤسسي شامل ومتناسق، وفي إطار مسؤولية واضحة وشفافية في مراحل التنفيذ والمتابعة، من خلال قياس الاداء ومستوى إنجاز الرؤية وإشراك المجتمع في متابعة أداء البرنامج والأجهزة المعنية من خلال نشر لوحات مؤشرات الأداء وتقارير دورية مدققة.نظام «الحوكمة» يساهم في تنفيذ الرؤية التنموية بتنسيق وجودة في تنفيذ الأهداف ومكافحة الفساد والهدر في الموارد وكذلك التثقيف بالرؤية التنموية ومراحل التنفيذ. لا أننا شك نعيش مرحلة تنموية واضحة تحوي رؤية شاملة وقرارات لتنفيذها ومنها نظام حوكمة متكامل بالإضافة الى موافقة مجلس الوزراء على تنظيم مركز دعم اتخاذ القرار، والذي يتضمن 18 مادة، ويهدف إلى «رصد وتحليل الأحداث والتطورات والمتغيرات والظواهر والقضايا الداخلية والإقليمية والدولية وانعكاساتها، وإبداء الخيارات والبدائل المناسبة حيالها، واقتراح التصورات المثلى للتعامل معها، إعداد الدراسات المستقبلية، ومتابعة المستجدات والتحديات المحتملة في مختلف المجالات، وتقديم المقترحات اللازمة لمواجهتها، إعداد الدراسات المتعلقة بالموضوعات ذات الأولوية من الناحية التنموية وما يواجهها من عوائق وصعوبات ومشكلات، وطرح التوصيات في شأنها، المساهمة في توفير المعلومات اللازمة لمجلس الوزراء ومجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بما يمكنها من ممارسة اختصاصاتها ومهماتها، جمع البيانات والمعلومات ذات الصلة باختصاصات المركز والمهمات المخولة إليه والموضوعات التي يكلف بها وتوثيق تلك البيانات والمعلومات وتحليلها ومعالجتها وحفظها، الإسهام في تثقيف وتوعية الرأي العام حول القرارات المتخذة والموضوعات المطروحة والقضايا المثارة». وكذلك موافقة مجلس الوزراء على برنامج التحول الوطني أحد برامج رؤية المملكة العربية السعودية 2030، بالإضافة الى الموافقة على تنظيم المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية التنموية والذي يهدف إلى «الاسهام في تعزيز العملية التنموية للاقتصاد الوطني من خلال كونه حاوية فكرية استشارية تُناط بها مسؤولية تحديد أهداف وسياسات وبرامج قابلة للتطبيق، تضمن تحقيق النمو الاقتصادي ضمن المتغيرات المحلية والعالمية، والتنفيذ الفعال للخطط والسياسات الاقتصادية والتنموية، وتقديم الدراسات والاستشارات اللازمة للقطاعين العام والخاص لمعالجة قضايا التنمية».قرارات تعكس الوضوح والحزم بعزم في مرحلة التحول لتنفيذ رؤية تنموية تتسم بطموح غير مسبوق نحو تنويع مصادر الدخل والاستخدام الأمثل للموارد وجودة الانفاق ودقة التنفيذ ومكافحة الفساد، من خلال عمل جماعي ومؤسسي، لتحقيق تلك الرؤية الطموحة التي تليق بمملكتنا الحبيبة. وأخيراً وليس آخراً، الحمد لله الذي بلغنا رمضان، في مملكتنا الحبيبة أرض الأمن والأمان التي نعيش فيها رؤية وحوكمة تنموية وتثقيفا جميلا مستمرا بمراحلها التي ستساهم في مشاركة الأجيال بوضوح يستديم معه التخطيط والإنجاز والمتابعة والتطوير حاضرا ومستقبلاً. وكل عام والجميع بخير.