د. أمل الطعيمي

اذكروهم بدعوة وقدروهم

تابعت مؤخرا حساب «سامي الشيباني» على برنامج «snapchat» واسمه «السناب الأمني الأول» وهو يعنى بمتابعة كل الأحداث الأمنية، وفي رمضان انتقل إلى الحدود الجنوبية لينقل لنا لحظة الإفطار لرجال بالكاد يجدون وقتا لتناول جرعات الماء بعد يوم شاق وطويل في أداء عمل ليس كأي عمل، فهو عمل عسكري دقيق يتطلب اليقظة والمتابعة والاستعداد للتحرك ضد أي مؤشر يلوح بخطر ما. رجال نذروا أنفسهم لحماية الوطن وحمايتنا نحن الذين نقوم من مخادعنا في الغرف المكيفة، ثم نجلس على طاولات الطعام التي نقوم منها بتثاقل لنلقي بأجسادنا على المقاعد الوثيرة ونتابع ما تبثه أجهزة التلفزيون من مسلسلات وبرامج كثيرة، التافه منها أكثر من الجيد، وإعلانات لا حد لها ولا حصر، إعلانات لمواد استهلاكية متكررة نستخدمها في اليوم عشرات المرات ومع هذا تقصر في حق الأهم من ذلك كله، فنحن لا نجد فيها فقرة واحدة تذكرنا بأولئك الذين يجلسون على المقاعد الحديدية للمدرعات، ويشربون الماء على عجل، ويؤدون الصلوات على فريقين، فريق يصلي وفريق يراقب، رجال يقضون الأوقات التي نشعر فيها بالحميمية والقرب من أهلنا وأحبابنا، يقضونها هم مع مشاعر الشوق لأمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم وأعينهم وقلوبهم وعقولهم مثبتة على الامتداد الجبلي أو الرملي في الصحراء أمامهم أو على أجهزتهم ومعداتهم العسكرية. فكيف تبخل تلك القنوات بفقرة واحدة تجعل الناس يذكرونهم في لحظة الإفطار فيدعون لهم بعد أن يقدروا دورهم تجاه الوطن وتجاهنا نحن حق التقدير.قد يقول قائل: إنهم يؤدون عملهم. فأقول: نعم، ولكنهم ليسوا بالقرب منا لنشكرهم على حسن عملهم كما نفعل مع الطبيب الذي قد نحتاجه في نهار رمضان فلا نخرج من عنده إلا وقد شكرناه، أو البائع في المحل أو المهندس أو الإداري الذي يؤدي عمله سواء في مكتب مكيف أو في مكان آخر. فكل أولئك نحن نقدم لهم الشكر مرة بعد مرة وعن قرب.. ولكن ماذا عن أولئك الذين يقفون بعيدا ويؤدون عملا هو الأهم، عملا هو الذي يمكن الجميع من أن يعملوا ويمارسوا حياتهم اليومية بشكلها الطبيعي. إنه الأمن، عصب الحياة الأهم وهم رجاله! أفلا يستحقون من المؤسسات الإعلامية السعودية الداخلية والخارجية وقفة شكر وتقدير تتكرر من حين لآخر كما تتكرر هذه الإعلانات مدفوعة الثمن!! التي مللناها بغض النظر عن تفاهة الأفكار التي تقدم بها. في أحد المقاطع المصورة «للسناب» كان الجندي قد اكتفى بتمرة واحدة وقنينة ماء وعاد مسرعا ليأخذ مكانه على مدرعته حامدا وشاكرا في الوقت الذي قد يغضب أحدهم لأنه لم يجد الطبق الذي يحبه، أو الشراب الذي يتلذذ به على مائدته.إن فقرات إعلامية قصيرة تنقل لنا الصورة الحقيقية لرجال الأمن بكل فروعه سيكون لها أثرها الإيجابي الفاعل، ليس في تقدير دورهم فقط، ولكن أيضا في تهذيب النفوس وتقدير نعمة الأمن الذي ننعم به وكأنه من الأمور المسلم بها، في حين أنها لولا الله ثم هم لما كانت كذلك. وكذلك هو حال رجال الأمن في الداخل، أولئك الذين يتناولون بضع تمرات وجرعات من الماء على عجل في الشوارع وفوق الأرصفة أو داخل عرباتهم التي يراقبون فيها الشوارع والأحياء والطرق البرية الطويلة. أجزم بأن تقديرنا لأولئك العظماء مهما كانت رتبهم العسكرية قليل.. قليل في حقهم! فهلا أعادت المؤسسات الإعلامية والتجارية النظر في العمل من أجلهم وإظهار التقدير لهم من الكبير والصغير منا.