د. محمد حامد الغامدي

هكذا عشت مع الكلمات الإيجابية

¿¿ تعلمت.. مدير لمحطة التدريب والأبحاث الزراعية والبيطرية بجامعة الملك فيصل.. ضرورة الإصغاء للآخر.. حتى وإن كان عاملا بسيطا. أفتح بالإصغاء أبواب الاستيعاب والفهم والتعلم. الإصغاء ضرورة للنجاح. كنت أسأل ذوي الخبرة عن كل شيء أجهله. هكذا تعددت الخبرات باختلاف الأعمال والتخصصات العلمية. وجدت متعة في العمل الميداني. وفقني الله بالوقوف على تنفيذ كل مشروع جديد. كان مكتبي الميدان. كنت أقول يجب أن أشرف وأتابع بنفسي البناء الجديد. حتى أستطيع إدارته مستقبلا من المكتب. تجربة ثرية ومثيرة جعلتني أبدو عظيما في نظر معلمتي في اللغة الانجليزية. ¿¿ الحديث مستمر عن أحد أفضل ثلاثة أساتذة لحياتي. هذا المقال الخامس مع بعض سيرتي معه. شعرت ببعض الرهبة. خفت من القصور. كنتيجة توجهت لأستاذة قديرة تدرسني اللغة الانجليزية. تعلمت من عملي في المحطة أن أسأل للتأكد. شرحت لها القصة. طلبت منها مراجعة ما كتبت. أيضا طلبت منها مساعدتي في نقل أفكاري باللغة الانجليزية بدقة وعناية. هذه فرصتي التاريخية. يجب اقتناصها بمهارة. ¿¿ كنت أتحدث وهي تكتب. تشطب وتعدل وتسأل. تعيد وتكرر وتضيف. كان القاموس بيننا يتم تداوله. حسبت أن أوراقه ستتناثر لكثرة استخدامه. كل ذلك للتأكد من تشخيص المشكلة ونقشها على سطح الورقة بوضوح. كان كل شيء يعبّر عن حقيقة. وقد أسهبت في سردها. ¿¿ تجاهلت دراستي في المرحلة الجامعية. سجلت كامل خبرتي العملية في محطة التدريب والأبحاث. سردت ما أنجزته وشاركت في إنجازه. استعرضت وبنشوة وفخر تجربتي. أنجزت في أقل من سنتين ما لم يستطع غيري إنجازه خلال السنوات الأربع السابقة لتأسيس المحطة. هناك شهود على ما أقول. يعيشون تلك الإنجازات حتى اليوم. كان مدير الجامعة الدكتور محمد القحطاني في ذلك الوقت يعتبر محطة التدريب والأبحاث القلب النابض للجامعة. وقد جعلناها كذلك في زمن قياسي. ¿¿ بعد الانتهاء من كتابة ما طلبه ذلك العبقري. قالت مدرّسة اللغة الإنجليزية: إذا كنت صادقا فيما تقول، فأنت رجل عظيم. الله أكبر. تلك الكلمات أعطتني شحنة عظيمة من الأمل. أعطتني فرحا واسع المساحة. زرعت بكلماتها ثقتي في نفسي. نعم كنت صادقا. عندها أدركت أنني في الطريق الصحيح وإلى الأبد. كلماتها تلك حفزت الهمّة للتعلّق بأمل المستقبل الأفضل. أعطتني مؤشرا أنني قادر ومقتدر.¿¿ في هذا الشأن أدعو بعدم البخل بكلمات الثناء والإطراء. كلمة إيجابية تغير مجرى الحياة. أقصى أنواع البخل أن تكتم إعجابك بعمل الآخر وتحجبه. لا تبخلوا بكلمات الثناء والتشجيع. لها مفعول إيجابي دون أن تحس وتدرك. هكذا عشت مع الكلمات الإيجابية. كانت سببا في نجاحي الذي حققت وعلى جميع الأصعدة. حتى استمراري في كتابة المقالات، كان سببه كلمة إيجابية من شيخنا الفاضل، شيخ الصحافة في المنطقة الشرقية، الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط. ¿¿ حتى شعور الأطفال الإيجابي له منافعه. يوما سأل حفيدي (مدين) وكان عمره خمس سنوات. لماذا يحبك الأطفال الصغار؟! كان السؤال مفاجأة. لم أجد الجواب المناسب وكان لا بد للموقف من علاج. توجهت بالسؤال إليه قائلا: لماذا يحبني الأطفال الصغار؟! أجاب على الفور: أنت لطيف. هذه الكلمة من أجمل ما سمعت في حياتي. كنت محتاجا لها دون علمي. نحن بحاجة إلى من يزودنا بالطاقة لمواصلة استدامة النجاح وتخطي العقبات. كلمات الثناء والإطراء طاقة عظيمة.¿¿ سلّمت أوراقي لسكرتيرة القسم. حددت ميعادا لمقابلة العبقري للمرة الثانية. دخلت عليه حسب الميعاد في مكتبه المتواضع. وجدته ينتظرني. كان قد وعد بأنه سيعمل لتسهيل قبولي في أي قسم بالكلية، إذا لم يتوافق هدفي مع البرامج الموجودة في قسمه الأكاديمي. ذكّرته بهذا الأمر. ابتسم وقال سأبقى عند وعدي.¿¿ فجأة قال: زادت الأمور تعقيدا وتناقضا بخطابك، لكن الهدف أصبح واضحا وهو المطلوب. قال: إذا كنت صادقا فقد تنجح. وضّح أن لدى بعض أعضاء القسم شكا في قدرتي على الدراسات العليا. قال: أنت محظوظ.. في القسم برنامج جديد وستكون أول طالب يسجل فيه. هذا يناسب ما تبحث عنه في خطابك. وضّح اسم البرنامج: (خدمات زراعية). واصل حديثه قائلا: حتى نتأكد أنك جاد وصالح للدراسة العليا، هناك شروط مفروضة عليك. اقبلها أو ابحث عن جامعة أخرى. وافقت على جميع الشروط. كانت أقرب إلى التعجيز. تذكرت أنه بقدر المجازفة بقدر ما يكون النجاح مميزا إذا تحقق. ويستمر الحديث بعنوان آخر.