نجيب الزامل

كلامٌ أقوله على مسؤوليتي ولا أجزم بصحته

علينا أن نتعلم كيف ستكون تداعيات أي قرار نأخذه سواء على مستوياتنا الفردية، أو العائلية.. أو التي تخص الأمة.ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان يملك طاقة عالية اللياقة بالتحرك على أرض الواقع، والمسافة بين قراراته وتنفيذ القرارات واقعيا قريبة، بل قريبة جدا، خصوصا أننا تعودنا أن تكون المسافة واسعة جدا بين القرار وتنفيذ القرار، وأحيانا تكون مسافة حائرة بلا طرف مشدود فلا يخرج التطبيق من أصله. أمسى من النادر حاليا أن تفتح أي مجلة أو جريدة، أو محطة أو موقع إخباري الكتروني دون أن ترى صورته حتى صارت من أقوى الصور المرتبطة بالذهن العالمي. في رحلته الحالية (أكتب هذا وسمو الأمير يعقد اجتماعات بفرنسا، بعد مسلسل ماراثوني من العمل والاتفاقيات خصوصا الاقتصادية والعلمية بالعاصمة الأمريكية واشنطن) برحلة واشنطن والتي جاءت فقط بعد أسابيع من إعلان الخطة الاستراتيجية الشهيرة التي عرفها العالم برؤية 2030، ها هو الأمير الشاب وفي مسافة قصيرة بعد الإعلان يلهب أرض الواقع الاقتصادي والسياسي والعلمي والدفاعي بسرعة تعجب كيف يستمد أوارها وشعلتها.القضية التي أطرحها، وأكرر برؤيتي الشخصية. والرؤية الشخصية لا يعتمد عليها، لأنها غير عالمة بما وراء الستُر، وهي فردية ضيقة مهما تعددت زواياها. وهنا أخوض موضوعا حساسا أنثربولوجيا، وأعلنت أكثر من مرة بولعي بهذا العلم لأنه يعطي المؤشرات التتابعية للتغيرات في أي ثقافة أو حضارة بسبب دوافع داخلية أو خارجية.بما أني وضحت ما أعنيه، والأداة العلمية التي استخدمها هنا، يكون سؤالي: «ماذا سيكون حال المجتمع وردود أفعاله بعد أن تأتي عندنا عمالقة الشركات على الكوكب للاستثمار؟»طيب، ربما سأل أحدكم مُحِقًا: «وما الجديد؟ فكل شركات الدنيا تعمل داخل بلادنا؟» وردي: «صحيح. ولكن، علينا أن ننتبه إلى التغير الأنثروبولوجي القادم على الأقل من الناحية الاقتصادية والمجتمعية. فالواقع هنا الآن تبدل مائة وثمانين درجة، فهذه الشركات عملت لدينا، اي أننا كنا رؤساءها لأننا وظفناها، وندفع لها مقابلا ماليا لتنفيذ مشاريع من اي شكل ونملك فرضا سلوكيا عليها. الآن، الشركات آتية لتضع الأموال لا لتأخذها ( في بداية الاستثمار على الأقل) وتملك قرارها وكيانها الاعتباري مستقلة 100%. ومن هنا يأتي العلـَمُ الذي ألوح به للعاملين بالشأنين الاقتصادي والاجتماعي. الشركات الاستثمارية ستأتي أقوى، وربما مع الوقت تريد فرض تغييرات تلائم سلوكياتها وفهمها الثقافي، كما سيعمل بها آلاف من بناتنا وأولادنا، وستشربهم طبيعة ثقافتها، وهو شيءٌ من أحق حقوقها. ومتى كان التغيير علميا وعمليا ضبطيا يرتقي بهم، فهذا رائع وأظنه سيكون. وإنما ماذا عن الثقافات والعادات التي ستأتي مع الشركات. هل نقول: أما نقبلها مع طبائعها، أو نتركها كلها؟لا. الذي يجب أن نستعد له الآن ولا نكرر أخطاء الماضي بعدم تقدير أهمية عامل التغير الأنثربولوجي كي نتوقع ماذا يمكن أن يصير بعد. الجيد يجب أن نتعلق به سلمًا للتقدم والرخاء. وما نظنه سيئا، هنا علينا أن نستخدم عقولنا لتبقى الصنعة الاستثمارية مزدهرة، كما تبقى صفات هويتنا التي تخصنا كذلك.. إلا أن اكتسبتْ فهمًا وسلوكًا طيّبـَيـْن.هذا مبحث لابد من العودة اليه مستقبلا. وأود أن أطبق آلية أميرنا الشاب محمد بن سلمان فلا أطيل، كما تعودتُ، بين الوعد.. والتطبيق.