لمى الغلاييني

من أي الفريقين أنت.. الناجح أم الفاشل؟

نقع دوما في إغراء الاعتقاد بأن الأحداث التي تواجهنا هي المسؤولة عن تشكيل حياتنا، وهذا النوع من التفكير مصيدة خطيرة نقع فيها بأنفسنا ونعرقل طموحاتنا، فالمشكلة دوما ليست في الحدث نفسه بل في نظرتنا نحوه وتعاملنا معه.هناك قصة واقعية عن صاحب مصنع أحذية من هونج كونج تساءل عن إمكانية فتح سوق لترويج أحذيته في جزيرة بعيدة في المحيط الباسفيكي، فانتدب موظفا من شركته للسفر واستطلاع الوضع عن قرب، وبعد نظرة خاطفة غير مبالية لأهل الجزيرة أرسل الموظف برقية قصيرة تقول: «للأسف لا يوجد فرصة، فالناس هنا لا يرتدون أحذية».ولعدم اقتناع الرئيس بذلك فقد قام باختيار موظف آخر لاستكشاف الأمر، فأرسل إليه بعد فترة تقريرا مفصلا يقول فيه:«كم نحن محظوظون، فالناس هنا لا يرتدون أحذية، ولهم أرجل قبيحة، الفرص ضخمة، فقد قمت بمقابلة رئيس القبيلة وأوضحت له أن الأحذية ستساعد شعبه في تجنب مشكلة الأرجل، وتحمس جدا للأمر، لدينا هنا مستقبل كبير».هذه القصة تؤيد الاعتقاد الذي يؤكد بأن أي شيء في الحياة لا معنى له إلا المعنى الذي نعطيه إياه، وإذا غيرنا معنى الحدث في أذهاننا فذلك سيغير على الفور ماهية شعورنا وطريقة تعاملنا مع الحدث، وعلينا التأكد تماما من اختيارنا الواعي للمعاني التي نصف بها أحداث حياتنا لأننا بذلك نرسم مسار مستقبلنا.إن أي موقف يواجهنا في حياتنا، يبدأ ذهننا أمامه بالتساؤل سريعا: هل هذا الموقف مكسب أم خسارة؟ هل سيمنحني ألما أم متعة؟ هل أقترب أم أبتعد؟ستختلف إجاباتنا عن الأسئلة وكيفية تشخيص الموقف باختلاف قناعاتنا المبرمجة مسبقا، فللقناعات قوة جبارة للبناء أو الهدم، ولدى البشر مساحة حرية كبيرة لاختيار المعاني التي سيطلقونها على تجارب حياتهم بطريقة تعيقهم أو تدفعهم للأمام، فقد يقرر البعض أن ينظر لتجربة مريرة ماضية بأنها شكلت درسا ثريا بالخبرات ونقطة تحول في حياته نحو الأفضل، بينما يتبنى الآخر نظرة تشاؤمية سلبية ويعتبر نفس التجربة دليلا مؤكدا على شُح ظروفه وضعف إمكانياته، ومبررا للانسحاب من أي محاولات مستقبلية.الموظفان في قصتنا السابقة عايشا نفس الظروف واختلفا في الاستجابة والتعامل، فقد فشل الأول في استخلاص أي مكسب من الموقف، بينما قرر الآخر أن يمنح الحدث معنى إيجابيا وحقق بذلك مكاسب ضخمة.أكبر التحديات التي يواجهها الإنسان هي معرفة كيفية تفسير إخفاقاته، فالطريقة التي نتعامل بها مع ما يواجهنا، وما نقرر أنه السبب في هزائمنا هو ما يشكل مصير نجاحنا، فالبعض يسمي إخفاقاته «فرصة تعلم» وينطلق بعدها لاختراق الحياة بخبرات أعمق، والآخر يسميها «فشلا» ويتوقف عن المحاولة ساخطا على حظه وعلى الحياة.من أي الفريقين أنت؟ القرار بيدك وحدك.