أطفال سوريا يكشفون حقيقة العار الدولي
مناظر الموت والدم القادمة من سوريا نتيجة طبيعية ومنطقية لآلة القتل والرخصة المجانية لنظام بشار الأسد وداعميه، فلم تعد هناك حدود لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، رغم أن ذلك يحدث على مدار الساعة طوال خمسة أعوام متصلة على مرأى من العالم والمجتمع الدولي والبشرية وكل هذه المترادفات التي تعني أي كائن حي عاقل ينظر ويسمع ويتابع ثم لا يتحرك أو يشجب فقط ويدين ويستنكر، وذلك ما أصبح إدمانا سياسيا مستهلكا أن نشجب وندين ولا يحدث تغيير تبعا لتلك الإدانة والاستنكار. يوميا يتم التقاط أطفال موتى أو في الرمق الأخير من تحت الأنقاض في مدن سوريا، فأين الضمير العالمي؟ لماذا لم تتحرك المنظمات الإنسانية الدولية بمظاهراتها وبياناتها التي تصدعنا بها في معاركها الكثيرة من غير معترك؟ ولماذا لا تخرج المظاهرات المنددة في مدن العالم شجبا واحتجاجا على الانتهاكات الإنسانية اليومية المتكررة في سوريا؟ ليس بالضرورة أن نجزم بموت الضمير العالمي ولكن غياب النزعة الأخلاقية وتغييبها يحرم الكثيرين من حقيقة الأوضاع المأساوية في هذا البلد المنكوب، ولا يمكن لمناظر المهاجرين الذين يعبرون البحار فيغرق نصفهم ويصل النصف الآخر لشواطئ أوروبا أن تكفي للتعبير عن المأساة لأن هناك مأساة أخرى للناجين وهي رفض بعض المتطرفين الأوروبيين لهم، وهؤلاء أكثر بؤسا ممن يهجرهم ويطردهم من بلادهم. سوريا يتم تدميرها بصورة منهجية والعالم يشاهد ذلك، ثم الصمت الكارثي، ولا دور حقيقي للأمم المتحدة وأمينها العام العاجز عن فعل شيء حتى أنه يبدو ملّ من الإدانة أو شعر بأنها غير مجدية، لذلك فما يحدث في سوريا فضيحة لكل مدع للإنسانية أو مهتم بصورة زائفة بحقوق الإنسان، فهذا اختبار فعلي استغرق أعواما دون أن يفعل من يصدعوننا بأدبيات وأخلاقيات الحقوق الإنسانية شيئا لإيقاف الجحيم الذي يعيشه السوريون، ولنسأل ماذا كانت ردة فعل العالم أمام صورة الطفل الغريق في الشواطئ اليونانية؟ أو عمران الذي أخرج من تحت الأنقاض وهو ينزف وينظر ببراءة فيما حوله؟ أو كثيرين يخرجون يوميا من تحت أنقاض حلب التي تم قصف حتى مستشفياتها، وكل ما يحدث فيها دليل إدانة جنائية بحق الجناة الذين يرتكبون الحماقات الإنسانية والحيوانية البهيمية في كل الأراضي السورية دون رحمة أو حد أخلاقي أدنى يميز بين غرفة عمليات المستشفى أو غرفة عمليات عسكرية. إننا نتحول في هذا العالم القاتم الى الأسوأ، ويمكن لكل من يملك صاروخا أو طائرة مقاتلة أن يعبث بسلام العالم وهو آمن من العقاب، ولا يتصور بعد ما يحدث من مجازر وجرائم وحشية في سوريا أن نرى عالما آمنا، وإنما غابة كبيرة لا تكترث لمقررات الأمم المتحدة في التعايش السلمي، وكلما طال أمد الصراع فإن ذلك يعزز من النزعة الإجرامية لكثير من المستبدين الصغار على نحو الأسد والتنظيمات الإرهابية التي تعيش وتنمو في مثل هذه البيئات غير الإنسانية التي تتكثف فيها الفوضى وانهيار الأخلاق، حربا وسلما، لتصبح صور أطفال سوريا أكبر العار التاريخي المعاصر للمجتمع الدولي ومن يناصرون قلة سلطوية طاغية ومجرمة تفتك بشعبها ويساعدها في ذلك متوحشون قادمون من بعيد لمصالحهم وليس لسواد عيون الطغاة.