مجمع الصخب.. ملهى الهلاس..!
منظمة عدم الانحياز، واحدة من أكبر ملاهي القرن العشرين، ومشروع فاشل (مجاناً وبلا تكاليف)، ولم تكن يوماً، أكثر من منتدى ومقهى يمارس فيه «الهلاسون» هواياتهم.منظمة عدم الانحياز، وصلت بها الحال الى أن تكون أكثر كساحاً من منظمة التعاون الإسلامي، وأكثر سقماً من الجامعة العربية، لهذا موتها، واندثارها طبيعيان، لكن عشاق الصخب يأبون إلا أن يحيوا العظام وهي رميم، لهذا اجتهد نظامان مشاغبان في بعث الحياة في المنظمة من جديد، ليضربا دفوفهما في محافلها المصطنعة المصممة لـ «الهلس» لا غير. والنظامان اللذان يبرعان في مهارات الخداع والتلون، هما نظام مرشد إيران خامنئي، وينتج أخطر أنواع المخدرات الفكرية وفنون الدجل، في الحقبة الراهنة، مثله مثل منظمة داعش المصنعة خصيصاً لكي تثير الصخب وتخدم الصخابين، ونظام هوغو تشافيز الفنزويلي البائد، الذي يحييه الرئيس نيكولاس مادورو، أيضاً نظام صخاب مهووس بالخطابات الشعبية الرنانة.النظامان غوغائيان ومن أشهر هلاس القرن، وبذلا كل جهد محموم لعقد دورة لهذه المنظمة التي كان يفترض أن تموت سقطاً، قبل الولادة، أو بالمهد. ولا يوجد، أصلاً، أي مبرر لولادتها ولا لاستمرارها في الحياة، إلا إذا كان القصد التسلية والترفيه وسرد القصص الفواكه، وإطلاق التصريحات التي تسكر الاتباع المحزبين.نظام تشافيز أطلق ما قال: إنه «الثورة البوليفارية» تيمناً بالمحرر اللاتيني الشهير سيمون ديفوار، ونظام خامنئي يضرب دفوفه على ثورة الولي الفقيه الخميني، وكلا النظامين يرسخان ثقافة الضجيج وصناعة قطعان الاتباع المستلبين وفن الخرافات والخدع الفجة. ففي وقت يتحدث حسن نصرالله المعين، بفرمان بابوي خامنئي، رئيساً لحزب الله، عن مواجهة إسرائيل، يصوب مدافعه إلى حلب وإدلب وحمص، وتعز وعدن، وحول البوصلة من «ما بعد بعد حيفا» إلى «ما بعد بعد حلب».وذهبت الوفود تترى إلى فنزويلاً، لحضور قمة حركة عدم الانحياز في ستبمبر، حتى وإن كانت المنظمة، منذ ولادتها حتى موتها السريري وبعثها مجدداً، بقيت أعمال تنشيع وشغل حواة، لأنه في عالم القوة النووية، وقوة الدولار، وسطوة العولمة، لا توجد دولة غير منحازة، فكل دولة «إما منحازة أو منحازة»، ولا خيار ثالث، نظام طهران نفسه الذي يصفق لشعار المنظمة، ينحاز دائماً وكلياً، عملياً، لخدمة المشروعات الامريكية والإسرائيلية، حتى وإن ملأ الدنيا ضجيجاً، بشعار «الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا»، وقد اعترف أخيراً بأن هذا الشعار ليس إلا خداعاً للاتباع، حينما الغى الشتائم من شوارع طهران ومنعها بتاتاً. وكان الخامنئي ونظامه من أكبر النعم التي هطلت على إسرائيل وأمريكا، فكلما أطلق أحمدي نجاد كلمات نارية ضد إسرائيل، يهرع رئيس وزراء إسرائيل إلى واشنطن، باكياً متباكياً، ويدعي أن إسرائيل مهددة بالإبادة، ويأخذ مقابل كل كلمة من لسان نجاد ملايين الدولارات.ونعم الخامنئي على أمريكا، هطالة لا تعد ولا تحصى، فكلما أفصح عن عدانيته، تذهب دول الخليج وتشتري أسلحة من أمريكا، بمعنى أنه على صيت نظام الخامنئي وشعاراته وميليشياته أثرت إسرائيل وأمريكا معاً. ولهذا تتجنب أمريكا المساس بحزب الله، بل وتتحالف مع ميليشيات إيران في العراق وتدعمها، وحينما قيل لوزير الخارجية الأمريكية جون كيري: لماذا لا تضرب أمريكا ميليشيات حزب الله، قال: إن حزب الله لا يستهدف أمريكا.. بمعنى أن الحزب صديق صدوق لواشنطن، وهذا يعني أن نظام الخامنئي منحاز عملياً إلى أمريكا ويغطي هذا الانحياز بالضجيج.ونظام تشافيزـ مادورو منحاز ضد أمريكا، لهذا السبب كلما يمعن في عدائه ويكيل الشتائم لواشنطن، تهبط معدلات النمو الاقتصادي في فنزويلا وتتجه البلاد إلى الغرق في وحول الإفلاس.ومن استقراء الأحداث، نجد اتفاقاً أمريكياً إسرائيلياً على حماية نفوذ إيران في المنطقة وحتى الدفاع عنه، لهذا تحجم أمريكا عن إسقاط نظام الأسد، لأن إسقاط الأسد يوجه ضربة للنفوذ الإيراني، بل ويهدد بانهيار نظام خامنئي في إيران نفسها.* وترحلب.. مدينة التاريخ..هذه المآقي،تختزن دمعاً وضياء..إذ الدم وقود غضب..وشرارة اللهيب..الشوارع رماد، وترانيم أحزانورياح تذروا بقايا حلم..تغتسل لنسائم فجر، وسطوع شمس..وتتهيأ لصباح جديد.