المؤسسات المدنية وفكرة بناء النظام الاجتماعي
اتساع نطاق وقاعدة المؤسسات المدنية يعمل على تثبيت أسس وقواعد النظام الاجتماعي، ويدعم الشباب تحديدا بخبرات ثرية ومتنوعة في الحياة والإدارة وزيادة رصيدهم المعرفي، وحينما نرى كثيرا منهم يباشر أعمالا تطوعية فإن ذلك مفيد ذاتيا واجتماعيا ووطنيا، ما يعني تطوير تلك المؤسسات والبناء عليها؛ من أجل تطور المجتمع وأفراده، وحصول الجميع على مكاسب مركبة من خلال فعالية المؤسسات والانفتاح على العالم وطرق أبواب ربما يظن الكثيرون أنها مغلقة بينما هي مفتوحة للدخول عبرها على مساحات واسعة من الخبرات والمعارف والثقة بالنفس. وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بوصفها الجهة التنفيذية المسؤولة عن القضايا الإجرائية لهذا النوع من المؤسسات، أكدت أخيرا أن نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الجديد يسمح بإنشاء جمعيات ومؤسسات وفقا لعشرة تصنيفات رئيسية متفرعة لأنشطة عديدة تتضمن 24 تصنيفا فرعيا، و67 تصنيفا دقيقا، حيث تشتمل التصنيفات الرئيسية على الثقافة والترفيه والفنون، التعليم والأبحاث، الصحة، الخدمات الاجتماعية والإنسانية، البيئة وحماية الحياة الفطرية، التنمية والإسكان، التأييد والمؤازرة (الخدمات القانونية وتعزيز السلامة العامة)، منظمات دعم العمل الخيري، منظمات الدعوة والإرشاد والتعليم الديني، والجمعيات والروابط المهنية والعلمية. ذلك بالتأكيد يثري الحياة الاجتماعية، ويؤهل الكثيرين لتقديم جهود تطوعية للنفع العام، أو حتى بمقابل نظير الجهد والوقت والتفرغ وكسب الرزق، ولكن يظل الثابت أن الانفتاح على تأسيس تلك الجمعيات يعني توفير منظومة مؤسسات مدنية أصبحت ركيزة للمجتمعات الحديثة، سواء بما تقدمه من خدمات ومبادرات وتطوير الموارد البشرية وإكسابها الخبرات العملية والإدارية أو تحقيق النفع العام فيما يتعلق بالتكافل ونشر الوعي والثقافة الاجتماعية، والحفاظ على الموروثات الأصيلة ومواكبة المستجدات، وبناء قدرات اجتماعية رفيعة ومتقدمة تنعكس على التنمية الوطنية. ونحن بالفعل بحاجة لأدوار هذه المؤسسات، لما يمكن أن تحتويه من طاقات الشباب، وخلق حيوية وفعالية مجتمعية مهمة في الوصول إلى غاياتنا التنموية وأهدافنا الإستراتيجية. تلك المؤسسات يمكنها أن تستوعب كثيرا من الشباب والشابات ومن مختلف الأعمار، لتتبلور من خلالها رؤى وطنية تجمعهم وتجعلهم أكثر احتكاكا بفكرة التنمية الاجتماعية، والوقوف على تجارب جديدة وإطلاق روح البحث والابتكار والمبادرات. وذلك في اعتقادي يسهم بصورة أساسية في نضج هؤلاء الشباب، وأدواتهم الفكرية والعملية، بما ينعكس فكرا وإنتاجا على المنظومة الوطنية والاجتماعية التنموية. ومن الجميل أن تتعدد الخيارات بما يستقطب القدرات والمواهب والميول إذ يمكن لمن يهتم بقضايا البيئة أن يجد ضالته في المؤسسات البيئية، والمهتم بالتعليم وقضاياه والصحة وغيرها، لتكون المحصلة النهائية تكاملا إثرائيا مهما وذا جدوى تنموية عالية على الصعيد البشري. وفي الحقيقة، ذلك دور العمل المدني في صقل المواهب وتطوير القدرات ورفع الهمم واكتشاف العالم المحيط سواء على المستوى الوطني أو الدولي، فهي عملية ممتدة ومتسعة من المعرفة والخبرة والتجربة ونحتاجها لتطوير الفكر الشبابي وتهيئته لمزيد من البرامج والمشروعات النوعية والكمية، التي تسهم في نهضة المجتمع والوطن، ما يؤكد قيمة وأهمية إنشاء تلك المؤسسات والجمعيات باعتبارها ضمن المحاور الإستراتيجية في رؤية السعودية، التي تستهدف بناء المجتمع وتطوير الفرد، وصولا إلى المحور النهائي للرؤية وهو وطن طموح.