د. فائز بن سعد الشهري

وزارة شؤون السكان وتخطيط المكان

إن تركز السكان في المدن الرئيسية، بسبب تركز الخدمات والاستثمارات بها وزيادة الضغط عليها وتدني مستوى كفاءتها، يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية وعمرانية في ظل غياب المخططات العمرانية وفق معايير التنمية المستدامة.قرر مجلس الوزراء بعد الاطلاع على ما رفعه صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في شأن ما رآه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حيال توصيات اللجنة المشكلة لمتابعة النمو السكاني في المملكة، إضافة كل من: وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووكيل وزارة الإسكان، وممثل عن الهيئة العامة للإحصاء إلى عضوية اللجنة الوطنية للسكان، وقيام اللجنة الوطنية للسكان بتحليل الوضع السكاني في المملكة، ودراسة مكونات النمو السكاني واتجاهاته، ودراسة التباين في التوزيع الجغرافي للسكان لمعالجة التحديات التي يفرضها تركز السكان في المدن، وأن ترفع تقارير دورية عن الوضع السكاني في المملكة. وإحالة موضوع متابعة النمو السكاني إلى اللجنة الوطنية للسكان، وأن تقوم اللجنة بتحديث وثيقة السياسة خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر، ورفعها إلى المقام السامي تمهيدا لاعتمادها. وحسب نتائج التعداد العام للسكان والمساكن بالمملكة عام 1431هـ اتضح ان أعلى عدد للسكان يتواجد بالرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والشرقية. ويتضح ان هذه المناطق لا يتركز فيها السكان فقط، بل يتركز فيها الأراضي البيضاء أيضا، فحسب الإحصائية الصادرة من وزارة الشؤون البلدية والقروية لمساحة الأراضي المستعملة والمخططة والبيضاء خلال 1436هـ حازت هذه المناطق على 43 في المائة من مساحة الأراضي البيضاء في السعودية، حيث بلغ مجموع مساحة الأراضي البيضاء في كل من الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية 826000 هكتار من إجمالي 1914962هكتارا، واحتلت الرياض المرتبة الأولى في مساحة الأراضي البيضاء بمجموع 504387 هكتارا، بينما احتلت منطقة مكة المكرمة المرتبة الثانية، حيث بلغت مساحة تلك الأراضي 278267 هكتارا، تلتهما المنطقة الشرقية بمجموع 25520 هكتارا وفي المرتبة الرابعة منطقة المدينة المنورة بمجموع 17834 هكتارا. وأوضحت الإحصائية أيضا أن مجموع الأراضي المستعملة في السعودية بلغ 1332954 هكتارا، بينما بلغ مجموع الأراضي المخططة 846926 هكتارا. تتضح مساحة الأراضي المخططة والبيضاء في المملكة التي تعادل حوالي مرة ونصف الأراضي المستعملة، وتعد موردا مهما يتطلب الدراسة من ناحية تمركز السكان والأراضي الفضاء وأهمية الاستفادة من الموارد السكانية والمكانية. ان تركز السكان في المدن الرئيسية، بسبب تركز الخدمات والاستثمارات بها وزيادة الضغط عليها وتدني مستوى كفاءتها، يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية وعمرانية في ظل غياب المخططات العمرانية وفق معايير التنمية المستدامة. وهنا تبرز أهمية قرار مجلس الوزراء بإضافة أعضاء من وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الإسكان لعضوية اللجنة الوطنية للسكان كونها من الجهات المهمة التي من مهامها التخطيط لتوجيه التنمية مكانيا وتوفير الخدمات للسكان. إن قرار مجلس الوزراء من القرارات المهمة التي تربط الجهات ذات الاختصاص والمهام المترابطة للوقوف على الموارد البشرية والمكانية واستغلالها الاستغلال الأمثل. وهنا اقترح دراسة إنشاء وزارة (لشؤون السكان وتخطيط المكان)، تحوي اللجنة الوطنية للسكان ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الإسكان، ويتم من خلالها تنفيذ توجيهات رؤية المملكة 2030 ومبادئ التنمية المستدامة وربط خطط التنمية على المستوى الوطني وما تحوي من استراتيجيات وخطط لجميع القطاعات والأجهزة الحكومية والخاصة من جهة، والرؤى والاستراتيجيات والخطط المكانية للمناطق والمدن والقرى من جهة أخرى. وهو ما يتطلب تحديد الحجم السكاني المستقبلي والتوزيع السكاني المتوقع طبقا لما هو قائم، وضمان تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة. وأخيرا وليس آخرا، فإن النمو السكاني يعتبر من الفرص التنموية التي يجب استغلالها كمورد مهم في ظل وجود مساحات الأراضي البيضاء وما تحوي من موارد تساهم في نجاح خطط قطاعات الإسكان والصناعة، والزراعة، والصحة، والسياحة، والاستثمار، والنقل، والتجارة، والترفيه، لتحقيق رؤية المملكة 2030.